الجمعة  15 تشرين الثاني 2024

إطلاق كتاب "حيفا في الذاكرة الشفوية أحياء وبيوت وناس" للباحثة روضة غنايم

2023-09-07 10:06:51 AM
إطلاق كتاب

تدوين- تغطيات

في سن السابعة عشر التحقت روضة غنايم  للعمل في مركز للأبحاث في "كيبوتس جفعات حبيبة"، كي تكتسب تجربة حياتية قبل التحاقها في المرحلة الجامعية، عمل المركز تركز حول فلسطينيي الداخل المحتل وتاريخ الشرق الأوسط، تصف غنايم تجربتها في تلك الأثناء أنها كانت منقوصة المعرفة حول ما جرى عام 1948، وخلالها تعرضت لجملة من التساؤلات التي أخذت تتبلور في ذهنها بعد مواقف عدة تعرضت لها، بدءًا  من المرحلة الدراسية في الثانوية عندما قدم  أحد أعضاء الكنيست العرب الذي ألقى على  الطلاب الفلسطينيين  محاضرة كي يهيئهم للاندماج في الحياة ما بعد المدرسة، وهو أن يعرفوا عن هويتهم إذا ما سئلوا عنها بأنهم "عرب يقيمون في دولة إسرائيل" هذا التعريف لم يمر مرور الكرام عند الباحثة، وبدأ السؤال الأول عندها حول هويتها.

وفي موقف آخر روته غنايم أثناء ندوة إطلاق كتاب "حيفا في الذاكرة الشفوية أحياء وبيوت وناس" التي عقدت أمس في مركز خليل السكاكيني في رام الله، قالت إنها وأثناء عملها في مركز الأبحاث، طلبت منها واحدة من العاملات هناك مديرة المركز "اليهودية"، أن تفتح ملفا خاصا في "الذكرى الخمسين لتأسيس دولة الكيان"، تجمع فيه أرشيفا خاصة بهذه المناسبة، مستخدمة لإقناعها مصطلحات ك "أنت لا تشبهين العرب" ظنا منها أن في هذا نوع من التودد لها، إلا أن هذا المصطلح جعلها تتساءل عن شكل العربي، وكيف يبدو وكيف يعرف، وفي الوقت ذاته بدأت تسأل عن الملفات الأخرى الموجودة في المركز كملف النكبة، لماذا لانفتح ملفا خاصا لذكرى مرور خمسين عاما على النكبة!، وغيرها من القضايا الشائكة، التي خلقت جملة من التساؤلات حاولت تحصيل إجاباتها من اليهودية ذاتها، التي أخبرتها أن العرب في النكبة هربوا واكتفت بهذا القدر من الجواب الذي لم يكن كافيا أو مقنعا بالنسبة للفتاة ذات السابعة عشر.

ومن هذه التساؤلات بدأ مشوارها البحثي، وانطلقت في رحلة التأريخ الشفوي والاستماع إلى قصص الناس من حولها، التي تستند بالأساس على ذاكرة الناس.

يتناول كتاب "حيفا في الذاكرة الشفوية"، خمسة أحياء وسكانها في مدينة حيفا وهي حي العتيقة، محطة الكرمل، وادي النسناس، وادي الصليب، عباس، باستثناء حي الكولونية الألمانية، ويتناول البحث في معظمه عائلات وأشخاص عايشوا الانتقال من الحياة في فلسطين الانتدابية إلى الحياة في "إسرائيل". أرادت الباحثة تسليط الضوء على قصة مدينة حيفا من زاوية مختلفة وهو تاريخها من مخزون أهلها.

وأشارت غنايم في مداخلتها إلى أنها تنظر إلى مصطلح "الهروب" على أنه مصطلح ليس معيب في السياق الفلسطيني إذا ما نظرنا إليه دون نزعه من مفهوم القسرية؛ هذا لأن أي إنسان يتعرض للخوف التهجير، القمع وغيرها من الممارسات التي وقعت أثناء احتلال البلاد، عليه أن "يهرب".

وفي سؤال الأستاذ المساعد في جامعة بيرزيت الذي علاء العزة، الذي أدار الحوارية مع الباحثة، عن لغة الكتابة المستخدمة في الكتاب، التي خرجت بالحد الأدنى من التحرير، وكأنها مادة خام تصلح لأي باحث أن يقوم بتحليلها.

أوضحت الباحثة روضة غنايم إنها في هذا الكتاب التفتت إلى أهمية أن تكون البطولة للناس وقصصهم، دون تحليل، إنما الاكتفاء بعملية النقل، سيما وأن هؤلاء الناس أعمارهم كبيرة وقد يرحلون في أية لحظة وترحل القصة معهم، وهذا ما حدث مع تسعة من المبحوثين. 

من جانبه، قدم العزة مداخلة حول "قضية الذاكرة ودراستها في الحالة الفلسطينية" قال فيها: "نلاحظ في الكتاب أنه جزء من سلسلة ذاكرة فلسطين التي تصدر عن المركز العربي للأبحاث ودارسة السياسات، والتعبير المركزي في العنوان هو الذاكرة، ما يفتح المجال للسؤال عن الذاكرة والفلسطينيين".

وأضاف: "دراسات الذاكرة في حد ذاتها هي موقف معرفي أو أبستمولوجي للباحث كون الحقيقة في حد ذاتها مجبولة بجملة من علاقات القوة المؤسساتية والسياسية التي يحاول الباحث كشفها وتحضير التصور المهمين في بناء الفصل التاريخي، فمجرد أن ننطلق وأن نبحث في الذاكرة وليس التاريخ هو موقف معرفي للباحث.

وفي حالة دراسة الذاكرة في فلسطين، في ظل أن النكبة مستمرة هو إشارة على أن الذاكرة في الحالة الفلسطينية ليست قضية الماضي إنما قضية الحاضر المعاش، بسبب استمرار عمليات القهر الاستعماري واستمرار عمليات خلق نكبات جديدة في الحالة الفلسطينية، فتصبح دراسة الذاكرة ليست للذاكرة بحد ذاتها إنما دراسة للحاضر وقد تكون استشراف للمستقل، بحسب العزة.

ويرى العزة، أن الانطلاقة في موقف الباحثة المعرفي هي كشف لزيف الحقائق الموضوعية، أو كشف عن مكمن الحقيقة التي في هذه الحالة كانت في سرد الناس وذاكرتهم المرتبطة مع عملية الاستمرار.