الإثنين  29 نيسان 2024

المخرج التشيلي باتريسيو جوزمان يتحدث عن المنفى والصدمة والثورة

2023-09-10 09:11:11 AM
المخرج التشيلي باتريسيو جوزمان يتحدث عن المنفى والصدمة والثورة

تدوين- حوارات

ترجمة: مروان عمرو

نشر في: Hyperallergic

أجرى باتريسيو جوزمان، محادثة مع موقع "هايبر اليرجيك" حول الوعد الضائع لرئاسة سلفادور الليندي، والصدمة الشخصية والجماعية الدائمة، والاحتمال المستمر لثورة جديدة.

في 11 سبتمبر 1973، أطاح انقلاب عسكري في تشيلي بالرئيس سلفادور الليندي، وأصبحت البلاد، التي اشتهرت سابقًا باعتبارها الديمقراطية الأكثر استقرارًا في أمريكا الجنوبية، بوتقة لليبرالية الجديدة في ظل دكتاتورية الجنرال أوغستو بينوشيه، وخلال هذه السنوات، تعرض عشرات الآلاف من المواطنين للسجن والتعذيب والقتل و/أو الاختفاء.

فر مئات الآلاف من الإرهاب، ومن بينهم المخرج اليساري باتريسيو جوزمان، وقبل بضع سنوات فقط، كان قد أخرج فيلمه الأول، الذي كان عبارة عن نظرة احتفائية بعدد لا يحصى من السياسات التقدمية والبرامج الاجتماعية التي نفذتها إدارة الليندي في أيامها الأولى، والتي أطلق عليها "السنة الأولى". وفي عام 1973، وسط التحريض اليميني، وحركة معارضة منسقة في الحكومة، وتصاعد التذمر العسكري (كلها مدعومة من وراء الكواليس من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية)، نزل جوزمان وطاقم صغير إلى الشوارع لتصوير الاحتجاجات والاحتجاجات المضادة، وفي نهاية المطاف اقتحم الجيش سانتياغو، وبعد الانقلاب، استقر جوزمان في فرنسا، حيث لا يزال حتى اليوم، وفي نهاية المطاف تحولت اللقطات التي التقطها إلى ملحمة من ثلاثة أجزاء "معركة تشيلي". من بين أهم الأفلام الوثائقية والسياسية على الإطلاق، تظل صورته للحماسة الثورية وشراسة الثورة المضادة قوية للغاية بعد مرور 50 عامًا - وينتهي الجزء الأول بتسجيل أحد مصوري الفيلم لحظة وفاته على يد النظام.

واصل جوزمان إنتاج أفلام وثائقية عن وطنه خلال العقود التي تلت ذلك، أولاً من المنفى ثم في تشيلي، بعد أن تمكن من العودة. تتعامل الكثير من أعماله مع الانقلاب والديكتاتورية وعواقبهما، على أنها الوعد الضائع لرئاسة الليندي، والصدمة الشخصية والجماعية الدائمة، والاحتمال المستمر لثورة جديدة. وللاحتفال بالذكرى الخمسين للانقلاب والاحتفال بالترميمات الأخيرة لفيلمي العام الأول ومعركة تشيلي، عقدت شركة أفلام ايكاروس وسينما تروبيكال شراكة مع أرشيف الأفلام المختارة وأكاديمية بروكلين للموسيقى لتقديم معرض استيعادي لفيلم جوزمان. تتضمن السلسلة أيضًا ثلاثية أفلامه التي تربط أجزاء من جغرافيا تشيلي بالتأثيرات المتبقية للديكتاتورية، بالإضافة إلى أحدث أفلامه، بلادي المتخيلة، حول الاحتجاجات المعاصرة في البلاد.

قبل العرض، حاورت "هايبراليرجيك" جوزمان عبر تطبيق زووم وناقشا بمساعدة مترجم؛ مخاطر التصوير أثناء الانقلاب وكل ما حدث بعد ذلك، وتم تحرير هذه المقابلة وتكثيفها من أجل الإطالة والتوضيح.

ٍسلفادور أليندي

سؤال: ما الذي دفعك لبدء العمل في "السنة الأولى" مباشرة بعد تخرجك من مدرسة السينما؟

جواب: أردت تصوير تلك اللحظة المذهلة في تشيلي. لقد تسببت حملة سلفادور الليندي في تعبئة هائلة لجميع شرائح المجتمع، وكان أول رئيس اشتراكي منتخب ديمقراطيا. لقد أصبحت تشيلي دولة ثورية، ولقد كانت حقبة مليئة بالبهجة والأمل والمشاريع المثيرة للاهتمام، شعرت أنني بحاجة لتوثيق كل ذلك.

سؤال: هل كان في ذهنك الفيلم عندما بدأت تصوير الأحداث التي سبقت الانقلاب، أم أنك أردت ببساطة توثيق ما كان يحدث؟ كان من الواضح أن الأمر خطير بالنسبة لك؛ ينتهي الجزء الأول بسقوط الكاميرا على الأرض وتحول الصورة إلى اللون الداكن لأن الرجل الذي كان يحملها قُتل بالرصاص.

جواب: كان لدينا فريق مكون من خمسة أشخاص، كنا نكتب السيناريو، وأردنا أن نظهر هذه اللحظة فقط، لقد كان الليندي في ذروة جاذبيته وتعبئته، ومشاهدته جعلتنا متحمسين للغاية. لقد كان هذا عصرًا كانت فيه السياسة عبارة عن مشهد متكامل من حيث البيانات الرسمية والأحزاب السياسية والمشاركة الجماهيرية.

ليوناردو هنريكسن، مصور من الأرجنتين، هو الذي تتحدث عنه والذي نراه يموت في المشهد. قبل شهرين من الانقلاب، أطلق ضابط عسكري النار عليه في صدره، واختفى عضو آخر من أفراد الطاقم، وهو خورخي مولر، في العام التالي للانقلاب. كانت لديه موهبة مذهلة في الكاميرا، وقام بتصوير اللقطات، واغتيل مع صديقته الممثلة.

لقد مررنا بأوقات صعبة، تم سجننا في معسكر لعدة أيام؛ كان المعسكر مليئا بالشاحنات والحافلات، ولحسن الحظ، طُلب من الضباط التراجع، فتمكنا من الفرار. وبشكل أساسي، كانت لنا لقاءات عديدة مع اليمين. في ذلك الوقت، كانت لليمين في تشيلي مجموعة ميليشيا تدعى "الوطن والحرية"، كانوا أشخاصًا خطرين. كان التصوير مليئاً بالعقبات لأن اليمين حاول دائماً إيقافه.

اعتقالات الجيش في 11 سبتمبر 1973، وهو مشهد من فيلم جوزمان

سؤال: لقد كنت واحداً من عشرات الآلاف من الأشخاص المسجونين في الاستاد الوطني في أعقاب الانقلاب، وغادرت البلاد بعد وقت قصير من إطلاق سراحك، كيف قررت الاستقرار في فرنسا بعد ذلك؟

جواب: غادرت الاستاد الوطني بعد 15 يومًا، لقد سمحوا لي بالذهاب لأنهم اعتقدوا أنني لست خطيرًا، وقد اختاروني مع بقية أفراد طاقمي. ثم تواصلت مع الطلاب في مدريد لأنني درست هناك وكان لدي العديد من الأصدقاء هناك، وغادرت إلى مدريد مع المصور ومنتج الفيلم ورجل الصوت.

ثم ذهبت إلى باريس لأن أحد الأشخاص الذين كان لهم أهمية في هذا الفيلم هو كريس ماركر، الذي زار تشيلي في العام 1971 وشاهد "السنة الأولى"، وقد شجعني. أرسل لنا كريس كمية كبيرة من الأفلام عبر المطار عندما كنا نصور معركة تشيلي، وعندما كنت في المنفى، اتصل بي وساعدني في إكمال الفيلم، في النهاية ذهبت إلى هافانا لمنتجة الفيلم.

سؤال: كان عليك تهريب اللقطات التي صورتها خارج تشيلي، كيف تم ذلك؟

جواب: ذهبنا إلى السفارة الكوبية في سانتياغو، وطلب منا السفير إرسال المخزون إلى السويد، وسيتم بعد ذلك إرساله إلى هافانا. لقد كان مذهلاً. لقد تركناها معه، وكانت محتجزة لفترة طويلة، ثم اتصلوا بنا أخيرًا، وبأعجوبة، لم ينقص أي شيء، وقمنا بمنتجة اللقطات في كوبا. كان ذلك عندما أدركنا أن لدينا الكثير من المواد القيمة، والطريقة الوحيدة الممكنة لإدراجها كلها هي تقسيم الفيلم إلى أجزاء متعددة.

سؤال: متى شعرت لأول مرة بالأمان الكافي للعودة إلى تشيلي؟

جواب: عدت لأول مرة قبل عامين من سقوط بينوشيه، لقد كانت دولة مختلفة تمامًا، دولة لم أتعرف عليها. بلد مليء بسيارات الجيب العسكرية والرشاشات، بلدٌ صامت ومجروح، بلد أشباح، بلد تم تحطيمه. لقد كانت مأساة، كنت في معاناة كاملة، وذهبت إلى جلسة التضامن التي نظمتها الكنيسة الكاثوليكية، وكانت مهمتها مساعدة الأشخاص الذين تعرضوا للاضطهاد ثم غادروا أثناء الانقلاب، ومن هنا خطرت لي فكرة الفيلم التالي الذي صنعته.

سؤال: لقد قمت بتتبع تاريخ تشيلي وتطوراتها منذ أكثر من 50 عامًا، هل ترى اختلافًا كبيرًا في طريقة تفكير الشباب الذين ليست لديهم ذاكرة حية عن الدكتاتورية، مقارنة بالأشخاص الذين عاشوها؟

جواب: هناك حركة لطلاب الجامعات الذين يصنعون أشياء رائعة في تشيلي في الوقت الحالي، لديهم ثقة معينة في المستقبل، وهناك حكومة ذات توجهات يسارية، لكنها لا تزال دولة متضررة بشدة، ولا تزال هناك الكثير من التوترات الاجتماعية، مع العديد من البرامج الاجتماعية التي لا تعمل، والسبب هو أن طبقة الأشخاص الذين يملكون الصناعة، جميهم من أصحاب التوجهات اليمينية، وهذا لا يزال يخلق مشكلة.