الإثنين  23 كانون الأول 2024

مبادرات معرفية قاعدية لفلسطين

2023-09-26 09:21:38 AM
مبادرات معرفية قاعدية لفلسطين

تدوين- تغطيات 

برزت في السنين الأخيرة العديد من المبادرات الفلسطينية المستقلة، منها الفردي ومنها الجماعي، التي تعمل على نشر المعرفة حول فلسطين ونضالها، في منتديات شبابية، في مواقع على الانترنت، كما وحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي. المشترك ما بين هذه المبادرات هو سعيها للاشتباك بنقدية مع الواقع الفلسطيني وحركة المقاومة فيه، حاضرا وتاريخا، لتقديم روايات ووجهات نظر فلسطينية ثورية، تساهم في رفد هذا النضال بالطاقات، ما يجعلها أيضا هو الاستقلالية والاعتماد على الذات، في ممارسة تطوعية محدودة الموارد بالغالب.

ولمعرفة تفاصيل هذه المبادرات، عقدت مؤسسة الدراسات الفلسطينية حوارية لقراءة هذه المبادرات كأجسام معرفية قاعدية توازي الأجسام السياسية التي برزت على الساحة الفلسطينية بعد الانتفاضة الثانية من حيث الاستقلال من البنى القائمة، عبر نقاش أدارته المحاضرة في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط في جامعة إدنبره هنا سليمان عن موقع الثورة الفلسطينية، مكتبة سبيل، وموقع باب الواد.

وعن مكتبة سبيل قال العضو المؤسس في المكتبة فائق مرعي إنها منصة لتحميل ومعالجة وتصفح الوثائق المرتبطة بفلسطين والنضال الفلسطيني، وهي مكتبة مفتوحة ومتاحة أمام الجميع لإضافة الوثائق، وتحميلها للاستخدام الخاص.

وجاءت فكرة المكتبة بحسب مرعي من خلال تجربة جماعية للمهتمين بشؤون فلسطين الذين واجهوا صعوبة في الوصول إلى الوثائق الفلسطينية، الضائعة والمسروقة والمبعثرة في الجامعات والمؤسسات الأجنبية.

ويرجع السبب في صعوبة وصول الباحثين إلى الوثائق الفلسطينية وفقا لمرعي، إلى غياب مؤسسة مركزية كمكتبة أو أرشيف وطني يضم أكبر قدر من المواد، لذا ظهرت ممارسات عديدة لتجاوز هذه المشكلة، وكانت مكتبة سبيل واحدة من هذه الممارسات التي قامت على فكرة البناء على مشاركة الوثائق القائمة ووضعها في منصة حدودها أبعد من حدود مجموعة صغيرة تتشارك الوثائق فيما بينها.

وفيما يتعلق بمحتوى مكتبة سبيل أوضح مرعي أنها منصة توفر الوثائق المتوفرة، إلا أن حدودها لا تنتهي هنا، فالنظام المبني يمكن أن يشمل أمورا أخرى كأنواع مختلفة من الميديا، سواء صور أو مقابلات أو فيديوهات أو غيرها.

أما عن فكرة باب الواد، قال المتطوع في فريق التحرير عبد الجواد عمر إن الموقع نشأ على هامش مشروع آخر هو الجامعة الشعبية الذي بدأ عام 2011، وهدف إلى نبش الذاكرة وخاصة ذاكرة المقاومة، ومحاولة استعادتها بلحظة سياسية كان فيها ارتداد عن المقاومة بعد الانتفاضة الثانية لأسباب مختلفة ومعقدة، معتبرا أنه محاولة معرفية جادة لقراءة الواقع والاشتباك مع هموم الناس والحراكات الاجتماعية والسياسية التي تنشأ في الضفة الغربية وغيرها من المناطق، وهي ترافق هذه الانفجارات الأخرى بأشكالها وأنماطها المختلفة.

وكان لهذه الفكرة بعد بيداغوجي تعليمي اعتمد بالأساس على المحاضرات، كما كان لديها وجهة خاصة وهو التزامها بأن الأمل قائم على المقاومة في الحالة الاستعمارية، والحاجة إلى رص الصفوف الفلسطينية، ما لعب دورا في شكلها كمبادرة. حتى نشأ موقع باب الواد عام 2015 في فترة هبة السكاكين والعمليات الفردية سعيا لإنتاج معرفي يستعيد فاعلية الفلسطيني في ظل محاولات السلطات القائمة في فلسطين تأبيد الهزيمة.

وعن محتوى باب الواد قال عمر إن جزءًا من محتواه الأساسي قادم بالاشتباك الحقيقي الجاد على الأرض مع الحراكات الاجتماعية والسياسية إن كان من خلال أفراد أو غيرها، بالتالي عندما يطرح السؤال المعرفي لا يطرح من بعد، إنما من الضغط الحاصل داخل هذه الحراكات.

أما مشروع الثورة الفلسطينية الذي بدأ عام 2006، فجاء نتيجة الغضب الذي تملك نسبة عالية من الناس في مرحلة ما بعد أوسلو إزاء تاريخنا والانفصام بين تجربة الجيل الناشئ في هذه المرحلة، والجيل الذي سبقه أي من شارك في الثورة، بحسب واحد من مؤسسي موقع الثورة الفلسطينية عبد الرزاق التكريتي.

ونشأ الموقع بحسب التكريتي لعدم وجود مؤسسات فاعلة تحت منظمة التحرير الفلسطينية، وعدم فاعلية الفصائل الفلسطينية بشكلها القديم، وكذلك للتغير في الخارطة والصورة ككل، جيو استراتيجيا، واجتماعيا، وسياسيا.

ورغم احتواء الموقع على أرشيف كبير يضم عشرات المقابلات والمواد المكتوبة وغيرها، إلا أنه انطلق بالأساس لتدريس التاريخ وليس كمشروع أرشفة، بهدف التعامل مع المواد بطريقة تخلق حوار حول فكرة الثورة والمقاومة وأهمية الاستمرارية في الذاكرة الفلسطينية.

ونشأ موقع الثورة الفلسطينية بحسب التكريتي بعد 13 عاما من أوسلو في فترة عرفت التدمير لفكرة الثورة وخاصة تلك المتصلة بالشتات، ضمن وضعية هيكلية خلقت فجوة بين ما يسمى بالداخل الفلسطيني والشتات الفلسطيني، سما وأن غالبة المشاركين في موقع الثورة الفلسطينية كانوا من الفاعلين في الحركات والتحركات الكبيرة على مدى سنوات عديدة لمحاولة رفض هذا الواقع.

والرفض المعرفي للواقع يكون بلعب دور إيجابي في طرح شيء مختلف يعيد التأكيد على استمرارية التاريخ الفلسطيني في مناهضة الاستعمار ومقاومته والنضال ضده، وفقا للتكريتي.

وكانت نقطة البداية المحددة للمشروع هي الرد على النكبة، في حين كانت نقطة النهاية هي الخروج من بيروت، لأن ما بين هاتين المرحلتين حيثيات معينة كان يجب الاطلاع عليها، لأنها كانت منسية ومرفوضة في الخطاب الرسمي الفلسطيني، وفي السياقات الاستعمارية الداعمة للكيان الاستيطاني.

لمتابعة الحوارية كاملة