تدوين- جاد عزت الغزّاوي* (باحث في الفنون البصرية وشاعر فلسطيني)
ملخّص
يستكشف هذا المقال دور الفنون البصرية كوسيلة متبعة لدى منظمة OSPAAAL في حشد الدعم لثورات العالم الثالث ضد الاستعمار، متكئة على أساليب بصرية متنوعة لبناء تحالف مؤثر في أروقة الأمم المتّحدة، وفي دول حركة عدم الانحياز. كان لتلك الممارسات البصرية دور مؤثر لدى جمهور عريض من النّشطاء والمدافعين والمتضامنين الذين ساعدوا بشكل مباشر على تمكين منظمة التحرير الفلسطينية من الانضمام إلى الأمم المتحدة. كما أن ثمّة ادعاء ستعمل المقالة على دعمه؛ بأن الدبلوماسية البصرية الفلسطينية في سنوات السبعينات كانت في أوجها لعدّة اعتبارات، على رأسها: تأسيس منظمة أوسبال (OSPAAAL) كجهاز دولي يمثل شعوب الجنوب (العالم الثالث)، متخصص في إنتاج الملصقات السياسية على أسس جمالية وفكرية.
1
شكّلت الحرب الباردة ظروفاً مواتية لانتشار فكرة الدبلوماسية الثقافية، فلم تقتصر الفكرة على الدولتين العظمتين (الاتحاد السوفيتي – والولايات الأمريكية المتحدة) بل شهدت تطوّراً ملحوظاً على صعيد المتحالفين معهما أيضاً، ما جعل الصراع يتبلور حول مجموعة من القيم ووجهات النظر تمثّل كيانات حضارية. فعلا سبيل المثال –في إطار السعي للسيطرة- عمل الاتحاد السوفيتي على تأسيس مكتب الإعلام الشيوعي (Cominform) سنة 1947 كمنتدىً للأحزاب الشيوعية في البلدان الأوروبية يضم في عضويته الفنانين والمفكرين والسياسيين وحتى الاقتصاديين من الأوروبيين وذلك في مواجهة مشروع مارشال الأمريكي. (Tevdovski، 2009)
إن الساحة الأوربية لم تكن الوحيدة ضمن هذا الصراع، فقد وفّرت الحرب الباردة فرصة للطامحين من العالم الثالث للاستفادة من تلك الثُّنائية العالمية في طرح قضاياهم في سياقٍ يخدم تطلعاتهم. فكان من شأن ذلك تأسيس حركة عدم الانحياز الداعمة لنضالات شعوب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية من أجل نيل الاستقلال إبان انهيار النظام الاستعماري مطلع الخمسينات. لعلّ الفكرة الأساسية من تشكيل حركة عدم الانحياز تقوم على مبدأ التجذُّر في الحوار أكثر من الصّراع ما أعطى لكفاح الشعوب معنى قابلاً للترويج بهدف جذب المتضامنين المؤمنين بالقضايا الإنسانية. تلك الحقبة شكّلت مسرحاً لنمو المعتقدات والقيم والرموز والهويات والمواقف؛ تلعب الفنون فيه دور الوسيط الذي يوضّح ويفسّر تلك الإشارات.
"يتمثّل دور الدبلوماسية الثقافية في زرع البذور والأفكار والمُثُل؛ الاستراتيجيات والأجهزة الجمالية. الحجج الفلسفية والسياسية. التّصورات الروحية وطرق النّظر إلى العالم- والتي قد تتوفّر في التربة الأجنبية".[1]
إن تعريف الدبلوماسية الثقافية ضمن هذه الرؤية لا يُشكّل رأياً قطعياً، إذ لا يسعى الباحث إلى تبنيه، إنما ثمة اعتقاد بأنه يُشكّل قاعدة مناسبة للتعبير عن نمط وسلوك وربما استراتيجية تتناسب مع ما أرادته منظمة OSPAAAL من جمهور المتلقين حول العالم لخلق حالة من التضامن مع ثورات العالم الثالث ضد القوى الاستعمارية، بيد أن للمفاهيم والتعريفات –دائماً- تفسيرات وإظهارات متباينة.
في ضوء ذلك، يأتي مصطلح الدبلوماسية البصرية منسجما مع التعريف الأوسع والأشمل للثقافة والدبلوماسية بوصفهما مكملين لبعضهما. بيد أن المقصود بالدبلوماسية البصرية لأغراض هذه المقالة هي تلك المتعلّقة بالدور الذي لعبه المُلصق المُتضامن مع القضية الفلسطينية في التعريف بها وبرموزها وتمثيلاتها وإدراكاتها، فضلاً عن تراكيبها الجمالية. بهدف توسيع قاعدة الداعمين لها على المستوى الدّولي. ومن النماذج الحيوية التي تسعى المقالة إلى التعريف بها هي تلك المتعلّقة بمنظمة أوسبال (OSPAAAL). ثمّة إدعاء ستعمل المقالة على دعمه؛ بأن الدبلوماسية البصرية الفلسطينية في سنوات السبعينات كانت في أوجها لعدّة اعتبارات، على رأسها: تأسيس منظمة أوسبال (OSPAAAL) كجهاز دولي يمثل شعوب الجنوب (العالم الثالث) متخصص في إنتاج الملصقات السياسية على أسس جمالية وفكرية.
ضمن هذا السّياق يبرز التساؤل حول ظروف نشوء وتطور ملصقات منظمة أوسبال (OSPAAAL) وتأثيرها في التضامن مع القضية الفلسطينية؟
المصادر الأساسية للملصقات التي تمت الاستعانة بها لأغراض هذه المقالة توفرت من خلال موقع أرشيف الملصق الفلسطيني وموقع منظمة أوسبال الإلكتروني.
2
المُلصق الكوبي بوصفه أساساً لمُلصقات OSPAAAL
مع انتصار الثورة الكوبية منذ عام 1959 برزت تيارات جديدة ومفاهيم فنية غير مألوفة في أمريكا اللاتينية، إذ حدث مزج منقطع النظير بين مكوّنين أصيلين: المُثل الثّورية الحديثة والتقاليد الثقافية الضاربة في التاريخ، ذلك من شأنه أن يؤدي إلى إنتاج هزة في الواقع الفنّي الكوبي، ويظهر انعكاس ذلك من خلال الطريقة التي جرى من خلالها تصميم المُلصقات، التي أظهرت تأثُّراً عميقاً بالانتصار الثوري، إذ تظهر في المُلصقات قيم جديدة تعبر عن وجهة نظر عالمية ترفض التبعية وآليات الهيمنة الهادفة لخلق الفجوات بين شعوب العالم، كما يظهر العنصر النسوي في خضم كل ذلك بصورة ذكية ضمن تمثيلات غاية في الأهمية.
من المُرجّح، أن الفنّ الكوبي -تحت وطأة الثورة – تمكن من استيعاب أفكار ومفاهيم وقيم ثورية ذات أبعاد عالمية، ما أسهم في خلق مقدرة أصيلة لديه في التعبير عن تلك الإشارات بأسلوب فني مشحون بالأفكار العالمية والوعي والجماليات الغزيرة المُرافقة لها.
بالارتباط مع ذلك، لقد حافظت الثورة الكوبية على تاريخ كوبا الثقافي وعملت على تطويره بما يخدم توجهاتها الجديدة، وحاولت الاستثمار في ذلك على صعيد علاقاتها الدّولية مستفيدة من إرثها العظيم، فكما يقول ألبرتو غارسيا مولينيرو في كتابه بعنوان: الصورة ثلاثية القارات واصفاً الحالة الثقافية في كوبا قبل الثورة بأنها "أُنشئت كمنارة داخل القارة الأمريكية في كل ما يتعلّق بالإنتاج الفني، منذ حصلت المستعمرة الإسبانية السابقة على استقلالها الرسمي في نهاية القرن التاسع عشر برزت الجزيرة الكاريبية كواحدة من المراكز الأساسية للإنتاج والاستقبال في إطار قارّة بأكملها، وصلت الفنون فيها مثل السينما والموسيقى والرقص والأدب والمسرح إلى مستويات عالية من التطور، حيث نجد تاريخاً طويلاً من الفنانين والتيارات والاتجاهات والمدارس ذات الطابع الخاص الذي يميّز الأسلوب الكوبي ويُعرّف به في جميع أنحاء العالم". (مولينيرو، 2022: ص45)
جنباً إلى جنب مع تحديثات الثورة الكوبية وفّرت الثقافة الكوبية حيّزاً مثيراً لانتشار المُلصقات كشكل من أشكال الإبداعات الفنية الحديثة، فالملصق الكوبي لاقى انتشاراً واسعاً في وقت مبكّر من القرن التاسع عشر، ليتناول بشكل أساسي أنماطا معينة من الدعاية التجارية والسياسية مثل الدعاية الانتخابية وتغطية الاحتفالات الوطنية متأثراً بالسينما والتلفزيون، ما أحدث نقلة نوعية في التعبير الفني على يد فنانين مدرّبين ومؤهّلين للقيام بذلك. إلا أن قيام الثورة وهروب باتيستا بداية العام 1959، أدى إلى إحداث تأثيرات مركّبة ومعقّدة وعميقة على مختلف جوانب الحياة الكوبية، ولعلّ ذلك يظهر بشكل خاص في المُلصقات في البدايات الأولى للثورة ذات الشّخصية الواضحة والانسيابية والارتجالية، كما في الشكل رقم (1).
الشكل رقم (1) |
|
المُلصق الأول للثورة الكوبية – 26 كانون ثاني 1959 (Eladio Martinez) |
لقد اتبع الفنانون الكوبيون –في ظل الثورة- منهج التجريب في فن المُلصقات، لبناء هوية خاصة وفريدة، فعلى سبيل المثال كانت هناك محاولات مستمرة لتبني استخدامات أكثر ديناميكية، إذ شكّل استخدام الصورة الفوتوغرافية الغارقة في الألوان المبتكرة الحادّة والصّادمة في آن واحد نمطاً فنيّاً بارزاً، حدّد ملامح شخصية الملصق الكوبي، بالاستفادة من انتشار أشكال جديدة من التعبير الفني، مثل مقترحات الرموز الطليعية لفن البوب. (Molinero, 2022)
3
منظمة أوسبال (OSPAAAL)
تمثّل الفترة من 1960-1975 حالة استثنائية في مجال تصميم الجرافيك وفن الملصقات الكوبي، إذ شهدت تلك المرحلة نزوعاً واضحاً نحو أفكار جديدة بدأت بالظهور في ضوء نشوء أحداث بارزة، منها: الأول، تأسيس حركة عدم الانحياز (1955) وانضمام كوبا إليها بعد الثّورة، والثاني، الhنقسام بين الصين والاتحاد السوفيتي (1956-1966) بوصفهما قوتين اشتراكيتين وتأثير ذلك على أتباعهما من الدول الاشتراكية، أما الثالث، فيرتبط بانتشار حركات التحرّر في تلك المرحلة في عدد من مناطق آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية ومن ضمنها حركة التحرير الفلسطينية. أدى ذلك إلى تملُّص فنانو البوستر الكوبيون من تأثيرات الواقعية الاشتراكية القائمة على النمطية، ليتحقق لهم الكثير من التنوع والتباين والأسلبة المُبتكرة في إنتاج المُلصقات.
في عام 1967، بعد عام واحد من انعقاد المؤتمر الثلاثي القارات[2]، ظهرت منظمة التضامن لشعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية (OSPAAAL) –الشكل رقم (2) شعار OSPAAAL- في العاصمة الكوبية هافانا، وتم تكليف الثوري الكوبي أوسماني (Osmany) سينفويغوس برئاستها، ما شكّل مساحة فريدة للتقارب والحوار والتعاون من أجل مواصلة إرث المؤتمر الثلاثي القارات.
الشكل رقم (2) |
|
المُلصق شعار منظمة أوسبال (1966) تصميم (Lazaro Abreu Padron)، المصدر: http://www.ospaaal.com/ |
كان بعض الفنانين الأوائل ضمن فريق OSPAAAL حديثي الولادة، إذ شكلوا مجموعة أولية من الروّاد منهم خوسيه فريسكيت فريميز وأليفيو مارتنيز وألفريدو روستجارد ولازارو أبرو وفاوستينو بيريز وتوني إيفورا وغيرهم آخرين. ولعلّ قرار رئيس منظمة OSPAAAL (أوسماني) بالطلب من تشي جيفارا في عام 1967 في الكتابة في النشرة (Tricontinental)[3] –وهي نشرة ومجلة تصدر عن منظمة OSPAAAL- عزّز من حضورها وانتشارها. إذ كان لذلك تداعيات مثيرة على عمل المنظمة من حيث الدافعية والمصداقية، لكن ماذا تعني مشاركة تشي جيفارا لمنظمة (OSPAAAL)؟
تحت عنوان: "رسالة إلى شعوب العالم عبر (Tricontinental) تصدّرت صورة تشي غلاف المجلة (أنظر شكل 3)، متضمّنة "عنصرين أساسين لمستقبل OSPAAAL، فهناك الصورة الأولى والوحيدة لـ تشي جيفارا المنشورة خلال حياة حرب العصابات، شكل ذلك علامة فارقة ليس بسبب الأهمية الممنوحة لـ OSPAAAL من خلال أنها الوسيلة الوحيدة التي يمكننا من خلالها العثور على صورة تشي ولكن أيضاً بسبب الأهمية التي سيكتسبها هذا الحدث داخل المنظمة نفسها من أجل الأجيال القادمة بعد الاختفاء الجسدي للبطل الفدائي". (Molinero، 2022، صفحة 70)
الشكل رقم (3) |
|
غلاف الطبعة الأولى لمجلة (Tricontinental) (1967) تصميم (Lazaro Abreu Padron) |
لقد تضمّنت مجلة (Tricontinental) في كل عدد من أعدادها ملصقات في صفحاتها الدّاخلية، التي بدورها اكتسبت شهرة أكبر من المجلة نفسها.
4
التّضامن مع الثورة الفلسطينية
من وجهة نظر الباحث، أدرك صانعوا السياسة في منظمة التحرير الفلسطينية –في مراحلهم المُبكّرة- أن الثقافة والفنون تُشكّل مدخلاً فاعلاً لجذب انتباه العالم إلى القضية الفلسطينية، من خلال التحاور مع أفكار ومُثل وقيم الآخرين، ذلك من شأنه أن مكّن الفنانين والسياسيين الفلسطينيين من توثيق العلاقة وتعميقها مع مختلف ثورات العالم، بيد أن المنظمات الفلسطينية المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية كانت الأكثر وعياً لتلك المتغيّرات العالمية لما تمتعت به من أصالة وحرية وتجذّر إنساني.
إن "الدعم الكوبي لتطلّعات الفلسطينيين في المحافل الدّولية كان نعمة كبيرة للحركة الوطنية الناشئة في الستينات والسبعينات، دول قليلة كانت تتمتع بسمعة أفضل من كوبا بين الرأي العام التقدّمي العالمي." (George، 2015، صفحة 30) فخلال السنوات الأولى من صدور المجلة الثورية الكوبية (Tricontinantel) الصادرة عن منظمة أوسبال–واسعة الانتشار- حازت الثورة الفلسطينية على مساحة هائلة من اهتمام المجلة، ما أدى إلى ازدياد شعبية وجماهيرية الحركة الثورية الفلسطينية بين أنصار مشروع العالم الثالث، ذلك أنها "لم تسلط الضوء على القضية الفلسطينية فقط، بل أتاحت فرصة ثمينة للفلسطينيين للتحدّث إلى الشعوب المُتعاطفة". (George، 2015، صفحة 37)[4]
ثمّة تفاعل مذهل مع القضية الفلسطينية حققته منظمة OSPAAAL على الصعيد الدّولي، فقد تمكنت من نقل الثورة الفلسطينية عبر ملصقاتها الذّكية والدّقيقة العارفة بأصول وجذور المسألة الفلسطينية، يظهر ذلك على نحو مثير من خلال المُلصقات المُتداولة في فترة السبعينات والثمانينات. إذ عرّفت العالم بالثورة الفلسطينية وتمكّنت من خلال دبلوماسيّتها البصرية من خلق تعاطف وتضامن كبيرين على الساحة الدّولية، إن تلك النظرة متعدّدة الأوجه من قبل القائمين على منظمة OSPAAAL جعلت من المنظمة منصّة دولية تتمتع بالحيوية والديناميكية، فالدبلوماسية ضمن هذا السيّاق أتاحت للمنظمة نفسها أن تستفيد على صعيد الشّهرة والانتشار بين مختلف الثورات في العالم الثالث ومن بينها الثورة الفلسطينية ما فتح لها المجال للتحدث باسم تلك الثورات بلغة بصرية مذهلة تعبّر بصمت عن كل ما تريد أن توصله تلك الشعوب للعالم من أجل التضامن، فعلى سبيل المثال تمكّنت OSPAAAL من خلال ملصقاتها تقديم الفلسطيني بصورته التي يستحقها، من خلال ظهور الفدائي وسط رموز مكثّفة كالكوفية والبندقية ولباس الثورة وفوق كل ذلك تمرير اللون الأرجواني الكنعاني ضمن أسلوب متقن قائم على المعرفة والوعي بتلك الإشارات، ليس ذلك فقط، إنما ربطت الماضي بالحاضر عندما دمجت رموزا فلسطينية بأخرى متعلّقة بالثورة في أمريكا اللاتينية (أنظر إلى الأشكال 4-5-6 على التوالي)
الشكل رقم (4) |
الشكل رقم (5) |
الشكل رقم (6) |
|
|
|
المُلصق : غلاف مجلة (Tricontinantel) (1970) المصدر: www.palestineposterproject.org |
المُلصق : OSPAAAL (1975) تصميم: Victor Manuel Navarette المصدر: www.palestineposterproject.org |
المُلصق : OSPAAAL (1970) تصميم: Lázaro Abrue Padrón – المصدر: www.palestineposterproject.org |
تلك الملصقات الرّائعة، كانت تصل إلى دول العالم عبر الحقيبة الدّبلوماسية، من خلال السفراء المتضامنين والمنتمين إلى دولة العالم الثالث، الحقيبة الدّبلوماسية لهؤلاء كانت تسيل بالألوان، كانت تتكلّم بلغة العين، تلك هي اللغة البصريّة التي أتقنتها OSPAAAL على مدار حياتها قبل أن تختفي بصمت عام 2019.
5
خاتمة
نستطيع أن نجادل بأن "كوبا استخدمت الفنون البصرية والإعلامية لتأطير وإعادة تأطير الأحداث التاريخية مستخدمة OSPAAAL كقناة للأفكار الثّورية المؤيّدة لها". (Mor، 2019، صفحة 42) . إذ تمكّنت بممارساتها البصرية من تعميق الفعل التّضامني العالمي، من خلال قدرتها على تمثيل الصّراع القائم بين الثورات وقوى الاستعمار بأشكالٍ ورموزٍ وإشارات وتجسيدات قادرة على تقديم مضامين مفهومة على نطاق عالميّ، في ربط واضح بين النضالات المحليّة لخلق تحالف جنوبي ضد القوى الاستعمارية بغرض تجنيد النشطاء والدّاعمين للتأثير على توجّهات حركة عدم الانحياز لتمرير مضامينها الثورية عبر الأمم الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية.
إن تبني نضالات الآخرين يتطلّب وعياً خالصاً بهويتهم وخصوصيّتهم، ليس هذا فحسب، استطاعت OSPAAAL أن تقدّم رؤية مختلفة حول تلك الثورات من خلال إعادة إنتاج هوية بصرية قادرة على الوصول إلى المتلقي في أي مكان في العالم عبر "دعوة الفنانين لإنشاء ملصقات فنية تتحدث عن موضوعات ثورية بنفس لغة الصور الجريئة والآسرة والنابضة بالحياة والعالمية". (Mor، 2019، صفحة 51)
________________________________________________________________________________________
George, N. (2015). In The Houre Of Arab Revolution Tricontinental And The Question Of Palestine: Resaerch Project. US: Friends of Fondren Library Scholarship.
Molinero, A. G. (2022). La Imagen Tricontinental. Santiago: Arianda ediciones.
Mor, J. S. (2019). Rendering Armed Struggle: OSPAAAL, Cuban Poster Art, and South-South Solidarity at the United Nations. Vancouver: University of British Columbia.
Tevdovski, L. (2009). Cultural Diplomacy. Skopje: Macedonian Information Centre.
________________________________________________________________________________________
[1] تقرير اللجنة الإستشارية للدبلوماسية الثقافية، الدبلوماسية الثقافية، لينشبان للدبلوماسية العامة، (وزارة الخارجية الأمريكية.. (2005، ص7) (Tevdovski، 2009)
[2] عقد المؤتمر في 15 كانون ثاني 1966 في مسرح شابلن في هافانا كأكبر تجمع لممثلي البلدان والمنظمات وحركات التحرر في جنوب الكرة الأرضية بهدف مناقشة المواضيع المتعلقة بنضالات التحرير المختلفة التي كانت تدور في العالم (فيتنام وكوريا وفلسطين والعديد من الحركات الثورية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية والنّضال ضد الفصل العنصري وحركة تحرير الفانتير السود داخل أمريكا، كما "يستحيل فهم المؤتمر الثلاثي القارات دون الرّجوع إلى شخصية الأب المؤسس: مهدي بن بركة، كان هذا الزعيم المغربي المناهض للإمبريالية العقل المدبّر وراء تنظيم هذا الحدث التاريخي، كانت حياته مكرّسة بالكامل لنضال شعوب العالم لا يوجد زعيم أو ناشط في النضال ضد الامبريالية والاستعمار يفهم ويعبر عن الحاجة إلى محاربة الإمبريالية والاستعمار الجديد وجها لوجه والانتقال من النضالات الجزئية التي نشأت في المجالات والأماكن المحلية، إلى النضال العالمي الحقيقي." (Molinero، 2022، صفحة 60)
[3] إصدارات منظمة OSPAAAL –"نشرة إخبارية شهرية (Tricontinental Bulletin) ومجلة نصف شهرية (Tricontinental) والتي تضمنت مقابلات وتقارير وتحليلات إخبارية وخطب ومقالات إلى جابن ملصقات ملوّنة مطوية داخل المجلّة، يمكن إزالتها وعرضها بسهولة". (Mor، 2019، صفحة 43). كما صدرت بثلاث لغات عالمية (الإسبانية، الإنجليزية، والفرنسية)، في الإصدار الأول عام 1967 وصل عدد النسخ إلى 50000 نسخة (25 ألف باللغة الاسبانية، 15 ألف باللغة الإنجليزية، و10 آلاف باللغة الفرنسية)، وعلى مدار تاريخها منذ عام 1967 حتى اختفاء منظمة OSPAAAL في عام 2019 نشرت مجلة (Tricontinental) أكثر من 184 إصداراً دون انقطاع باستثناء الفترة من 1990 -1995. (Molinero، 2022)