تدوين- يحدث الآن
استهدفت قوات الاحتلال المكتبة العلمية في البلدة القديمة من القدس، وصادرت كتبا منها واعتقلت أصحابها بذريعة "بيع كتب تحريضية"، في موجة جديدة من التصعيد ضد الفلسطينيين في القدس، وقررت محكمة صلح الاحتلال الإسرائيلي في القدس، الاثنين، تمديد توقيف الشقيقين محمود منى وأحمد منى إلى يوم غد الثلاثاء، بعد أن اعتُقلا، الأحد، إثر اقتحام قوات الاحتلال أفرع المكتبة العلمية في القدس المملوكة لهما، بحسب ما أكده معروف الرفاعي، مستشار محافظ القدس، في تصريحات إعلامية.
وأشار الرفاعي إلى أنه خلال عملية الاقتحام، صادرت قوات الاحتلال مجموعة من الكتب شملت كتبًا تحتوي على العلم الفلسطيني، إضافة إلى كتب تلوين للأطفال وغيرها من الكتب التي اعتبرت "مواد تحريضية" ضد الاحتلال.
من جانبه، أكد مدحت ديبة، المستشار القانوني لمحافظ القدس، أن إغلاق المكتبة في القدس واعتقال أصحابها يأتي في إطار السياسات الإسرائيلية التي تتزايد مع القرارات الإسرائيلية ضمن حالة الطوارئ التي أُعلنت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما سمح للاحتلال بتطبيق إجراءات تعسفية ضد أي عمل أو نشاط يتناقض مع الرؤية الإسرائيلية الاستيطانية، وسط خشية من أن تطاول هذه القرارات مكتبات أخرى، وتهديدها بالإغلاق بحجة التحريض على الإرهاب.
وأشار ديبة إلى أن مكتبة منى، التي تقع بالقرب من المسجد الأقصى المبارك، تعرضت للاقتحام من قبل قوات الاحتلال، التي استولت على عدد من الكتب تضم صورا لرموز فلسطينية مثل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والشهيد القيادي في حركة فتح خليل الوزير، وأخرى تضمنت محتوى تاريخيًا وعلميًا، واعتبرت السلطات الإسرائيلية أن هذه الكتب تُعد "تحريضًا على العنف"، مشيرًا إلى أن أي مادة لا تتماشى مع الرغبة الإسرائيلية تعتبر محرضة على العنف والنازية.
واعتبر ديبة أن هذه الحملة تعد سابقة خطيرة، حيث لم تشهد القدس منذ عام 1967 مصادرة كتب من مكتبات علمية واعتقال أصحابها بناءً على تهم تتعلق بـ"التحريض". وحذر ديبة من أن هذه الإجراءات قد تتصاعد في الفترة المقبلة لتشمل مكتبات أخرى في القدس، سواء كانت مكتبات خاصة أو عامة لأطباء أو محامين، وقد تصل حتى إلى مكتبات المسجد الأقصى. مؤكدا أن هذه السياسات هي جزء من استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى السيطرة الكاملة على القدس من خلال بسط السيطرة الاقتصادية والتعليمية، التي تشمل التحكم في المناهج الدراسية التي تُدرَّس في المدارس الفلسطينية.
ولفت ديبة إلى أن الاحتلال يسعى إلى تجهيل الجيل الفلسطيني من خلال تقليص المناهج وتحديد المعلومات التي يمكن أن يتلقاها الطلاب الفلسطينيون في مدارسهم في القدس، مشيرًا إلى أن الاحتلال يتخذ قرارات تعسفية تتناقض مع القانون الدولي، مشددًا على أن إغلاق مكتبة بسبب وجود كتب تحمل صورًا أو رموزًا فلسطينية يعد إجراء غير قانوني ولا يتماشى مع حقوق الفلسطينيين في القدس المحتلة.
كانت قوة من شرطة الاحتلال وصلت الى المكتبة، أمس، وبحوزتها مذكرة اعتقال بحق الأخوين منى "بتهمة الاشتباه في الإخلال بالنظام العام". وتعليقاً على ما جرى، قال مراد منى، شقيق أحمد ومحمود، لـ"العربي الجديد": "شرطة الاحتلال استعانت بترجمة غوغل بشأن الكتب الموجودة في المكتبة". وأضاف: "كل كتاب لم يعجب الاحتلال موضوعه صادره، وكلّ كتاب عليه علم فلسطين استولوا عليه، حتى نسخة من صحيفة هآرتس لم يعجبهم محتواها صادروها". وحسب العائلة، فقد وضع جنود الاحتلال العشرات من كتب المكتبة في أكياس القمامة.
وتأسست المكتبة قبل 38 عاما، وتعد اليوم من أهم المكتبات الفلسطينية في القدس المحتلة، وهي ليست مجرد مكتبة عادية، حيث لا يوجد دبلوماسي، أو صحافي أجنبي، ولا سائح أو باحث مهتم بالقدس والصراع لا يعرف المكتبة العلمية ومالكها محمود مُنى. وفازت المكتبة العلمية بجائزة أفضل مكتبة لعام 2011 على مستوى فلسطين، وثالث أفضل مكتبة على صعيد الشرق الأوسط من قبل مؤسسة لونلي بلانيت وبي بي سي في لندن.