الأربعاء  16 تموز 2025

"نفَس الأرض": معرض جماعي يستكشف التراث الفلسطيني الحي

2025-07-16 01:04:14 AM

تدوين-يحدث الآن 

ضمن مشروع "مِشكال"، وتحت عنوان "نَفَس الأرض"، يقام الخميس معرض جماعي لفنانين من فلسطين وأوروبا، في المعهد الثقافي الألماني الفرنسي في رام الله.

وعبر 13 عملاً أو مشروعاً فنيّاً، وتحت شعار "التراث الحي في الفن والذاكرة والمشهد الطبيعي الفلسطيني"، يجمع معرض "نفَس الأرض"، أعمال فنانين فلسطينيين معاصرين تستكشف ممارساتهم الفنية الترابط العميق بين الأرض والذاكرة والهوية والمقاومة، بحيث تُشّكل أعمالهم مجتمعة، مساحة يصبح فيها التعبير الفني وسيلة لحفظ والتراث، وإعادة تصويره، والتأكيد عليه، في مواجهة التشرذم والمحو.

ويستكشف المعرض، بحسب القيّمة الفنانة، رولا خوري، "التراث الحي كعنصر ديناميكي لا ينتقل فقط عبر الوثائق والآثار، بل من خلال النفَس والتربة، ينقل القصص الشفهية، والطقوس، والذاكرة البصرية، والتجربة الجماعية". 

ويستلهم الفنانون المشاركون أعمالهم من ممارسات متنوعة، تشمل: الفيلم، والأعمال التركيبية، والأعمال الأدائية، والعمارة، والحرف اليدوية، مستحضرين التاريخ في داوخل أجسادهم، أو في البيوت، والطبيعة بشكل عام، فيما تسلط عديد الأعمال الضوء على دور التقاليد الشفهية، لا سيما تلك التي تنقلها الفلسطينيات، باعتبارها أوعية للصمود الثقافي، تُرسخ الذاكرة الشخصية والجماعية، علاوة على أن أعمالاً أخرى، وعبر الصوت والأداء التجريبي، تعيد كما أصحابها تفسير التهويدات وأغاني الحداد، وحتى الخطاب اليوميِ، صادحين بأصوات كادت تُنسى.

وتركز أعمال فنية أخرى على "الجسد تحت الاحتلال الاسرائيلي، وأثر أنظمة السيطرة طويلة الأمد، على التنفّس والحركة والخطاب، محولة الجسد إلى أرشيف وساحة معركة في آن"، وفق خوري، التي تشدد على وطأة الضغوط النفسية والجسدية التي تفرضها الهياكل الاستعمارية المستمرة، وتظهر العنف بتضاد مع بوادر الرغبة بالبقاء، فيما تبدو الأرض نفسها كشاهد وشخصية محورية، من الصبّار المنعزل في القرى المهجرة إلى أشجار الزيتون والبلوط القديمة، وهنا تتحول النباتات إلى وسيط للذاكرة، وتقف الكائنات كأرشيفات حيّة، تحمل ندوب النزوح والعدوان، بينما تستمر في التجّذر والإنبات وتوفير المأوى، وتخيّل شظايا الوطن، عبر بقايا معمارية ومكونات طبيعبة تحرس المنازل المفقودة.

هكذا تشارك الفنانة أميرة الغول بعمل بعنوان "تراويد"، يجمع بين التسجيلات الميدانية وورش العمل التشاركية والمقابلات لتوثيق التقاليد المندثرة.

أما الفنان الألماني، أرندت إنجلهارت، فيشارك بعمل يستكشف الذاكرة البصرية للقدس في القرن الــ 19، من خلال أعمال سيرينا روزن (ني موشيليس) التي عاشت ما بين العامين 1830 و1902، والموسيقية والرسامة، وزوجة القنصل البروسي الثاني، جورج روزن (1820–1891)، وتحديداً في الفترة بين عامي 1854 و1867، حيث أقامت في دار القنصل بعقبة التكية، نظّمت صالوناً عالمياً استقبل ضيوفاً محليين ودوليين.

بدورها تستكشف الفنانة حلا سيف حكايا البلاط، وقصصه الخفية، ومنهجياته، وخبراته، بينما تتعاون الفنانة جمانة دعيبس، ومنذ العام الماضي، مع عدد من الفنانين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والشتات لإنتاج فيلم فيديو قصير يُجسّد الوحدة الفلسطينية، بالرغم من جميع المعيقات التي يواجهها الشعب الفلسطيني.

وفي عملها "قصص من بيت جدتي" تروي مادو كيليان، في مشروعها القائم على الواقع الافتراضي، حكاية عائلتها الفنانة الفلسطينية الأرمنية عبر قرون عديد، في حين يستشكف الفنان محمد الراعي الأشجار الفلسطينية كشخصيات حيّة وشاهدة على التاريخ في عمله البصري "فردانية الشجر الفلسطيني".

أما الفنانة نور سعيد فتقدم في عملها "عين الغائب التي لا تموت"، نبات الصبار المتواجد في القرى الفلسطينية المهجّرة كعنصر محوري، فيما يمكن اعتبار عمل الفنانة رند حمد الله "بعّتت"، استكشافاً بصرياً وصوتياً لتحوّلات اللغة الفلسطينية اليومية تحت وطأة الضغوط السياسية والاجتماعية، بحيث يتخذ هذا العمل الفني شكل "محطة لغة" مدنية، تدعو الزوّار للتفاعل مع آثار ثابتة ومتحركة للخطاب المتغيّر.

أما العمل التركيبي "سميراميس" للفنانة وسن قرمان، فيمكن اعتباره بمثابة تدخّل اجتماعي يستكشف الواقع الحضري المجزّأ لكفر عقب، فيما ذهبت الفنانة فيروز حسن إلى المزج بين صور من الطبيعة، وعمليات إعادة بناء مجهرية لليعسوب، في مساعيها إلى تجسيد هذا الصراع بين الانقراض والبقاء، بين الذاكرة والهيمنة، بين ما تم كسره وما يمكن تخيّله من جديد.

ويقدّم صانع الأفلام يحيى الشولي، من غزة، فيلماً قصيراً بعنوان "الهرب من فريدة"، يُعالج فيه ثنائية "الهروب والمواجهة" من خلال لغة بصرية تعبّر عن التوتر النفسي والانهيارات الهادئة، ويطرح أسئلة وجودية حول الانتماء والمصير.