الأحد  22 كانون الأول 2024

الأخ الأكبر

2014-04-29 00:00:00
الأخ الأكبر
صورة ارشيفية

 عالمالمثقفين

 عفافخلف
 
قرية
هذا البلد يتجه نحو الدمار.. حضارتنا مصبوغة بحضارة أمريكا والنمط الأمريكي بالتفكير
وسكتت فينا المفردة.
أمريكالم تأتِ بالطائرة، حسناء بساقي ناطحات سحاب وعينين زرقاوين، وثغرٍ يتكور بالرغبات. أمريكا أضحتَ عرق يومنا المعجون بالقلق، المسفوح فوق الرغيف. أمريكا الشاشة، أمريكا غوغل، أمريكا الفيس بوك، أمريكا العولمة، أمريكا رأس المال الضارب أذرعه الأخطبوطية في كل البلدان، أمريكا الفردية، الفردانية، ما عادت” أنا الدولة”  تكفي لتؤثث، تؤسس سلطة فردٍ تميع إرادة الآخرين أمام إرادته، ما عادت – دولة – تُغني أو تُسمن، أصبح العالم “خزنة”، أصبح العالم “قرية”!
The west and the rest
في رائعة جورج أوريل 1984 يحاول بطل الرواية وينستون أن يحتج على سياسة الأخ الأكبر الذي ليس هو أخاً أكبر بالمعنى المفهوم والمتعارف عليه كبكرٍ للعائلة، فالأخ الأكبر هو العين الساهرة والرقيب الذي لا تراه، ولكنه حاضر دائماً لمحاسبتك وتصحيح وتقويم حتى أصغر أفكارك.
الأخ الأكبر ليس لحماً ودماً وإن كان يعتاش على لحم ودم الآخرين. هو أكبر من الدول، أكبر من الحكومات، أكبر من المؤسسات والشركات.هو جهازٌ رقابي دولي يراقب الدول والحكومات والأفراد دون استثناء. العين الساهرة في البر والبحر والجو، في الشارع وفي البيت وفي السوبرماركت وحتى أثناء النوم، في كل مكانٍ له كاميرا راصدة، واتمتةٌ ساهرة ترصد مستويات الأداء الحكومي، تقيس مستويات الإنتاج في المعامل والمصانع والورش والحقول والمدارس والمستشفيات، تُسّلع الجميع، يُدخلهم النظام بطريقةٍ أو بأخرى، يوّجه المنظمات والاتحادات والهيئات الدولية بصرف النظر عن اختصاصاتها وجنسياتها وأماكن تواجدها، الأخ الأكبر “منظومة” و”نظام”، الأخ الأكبر نهج!
إنسان
أمريكا تُغرق العالم بقيمها، ونشعر بالقهر، ليس ذاك القهر المعبّأ، المّوجه ولكن القهر بمعناه اضطهاد، بمعنى ذاك العبد “الذي لا يقاوم”.، نرى الفخ ولا نستطيع إلا أن نعلق بالشباك، دولاً وشعوباً وأفراداً، فيعترينا اليأس، وضآلة “صوتك” ضمن ما يُصدره النظام من أصواتٍ تتواءم وخطاه. بقدر “ضخامة” الأنا التي تُقدسها أمريكا، بمقدار “الجموع” التي سُحقت وتكدست لتستحيل عجيناً من حريقه تصير الـ”أنا” أكثر مناعة، أكثر هيمنةً وقوة.. أكثرُ.
روسيا، الإتحاد السوفيتي سابقاً لم تفككه الحروب ولا السلاح ولا حتى استنزاف. ما فككه شمولية “الدولة” على حساب الفرد، وكذلك أمريكا ستفككها شمولية “الأنا” على حساب “الشعب، الشعوب، الجموع، عشبنا البشري”
أفكرُ بالإمكانيات التي نملكها كشعبٍ للنهوض؟
الإنسان. أكثر ما أؤمن به الإنسان.