الأحد  22 كانون الأول 2024

الفلسطيني الذي رقّص شوارع كوبنهاجن

2014-05-17 00:00:00
الفلسطيني الذي رقّص شوارع كوبنهاجن
صورة ارشيفية

الحدث (خاص):

من هو الشاب الذي رقص اسكندنافيا على "الوحدة ونص"؟ محمد سويلم سليل عائلة تعود بأصولها إلى نابلس، وصلت إلى كوبنهاجن قبل 40 عاما واستقرت في المدينة منذ ذلك التاريخ.
لكن الشاب الذي ترعرع وسط عائلة تعيش حياة تقليدية جدا في عالم شديد التغير، غير وجهة نظر الكثير من الدنماركيين، ولفت نظر الكثير من سكان الدول الاوروبية الأخرى، عندما أصبح ثاني أشهر راقص في دولته. فالثلاثيني ذي الوجه المحبب للاسكندنافيين، خاض صراع طيلة 14 عاما كي يجعل الشبان الأوربيين يقفون على الوحدة والنص، علمهم الرقص وأطل عليهم بوجه عربي مختلف.
لكن، لأن شعره فحمي وملامحه شرقية واجه الراقص المشهور في الدنمارك مصاعب عديدة للوصول لهذه الشهرة، حتى يثبت تفوقه على عشرات الشبان والشابات.
جالسا في حديقة لواحدة من أشهر مدارس التمثيل في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، يمكن لسويلم، أن يعرض أمام أي زائر محتمل يبحث عنه، رقصة من (البريك دانس)، أو رقص الشوارع وهي رقصة التكسير تصاحبها موسيقى الهيب هوب أو الراب وتطورت باعتبارها جزءا من ثقافة الهيب هوب. وأيضا يمكن تعريفها أنها التعبير الجسدي لموسيقى الراب.
ويظهر محمد معبرا عن شغفه بهذا النمط من الرقص، كلما طلب منه أداء فقرة قصيرة يغير فيها وضع جسمه وأطرافه بشكل مبهر.
"تريد أن أرقص. هكذا حققت نجاحا كبيرا. هكذا أصبحت مشهورا" قال سويلم، وهو يدلي بحركات راقصه منفردا أمام عدسة الكاميرا. عندما بدأ الشاب الرقص في سن مبكرة من عمره، لم يكن سهلا عليه، أن يقنع عائلة فلسطينية تعيش حياة تقليدية بهذا العمل، فالأب والأم كما قال الابن لم يظهرا تشجيعا لهواية تعتبر في الغرب واحدة من الفنون المهمة، فيما مازال ينظر إليها الشرق كحركات صبيانية نسبيا عند العامة.
لكن سويلم، كما قال، لم يأبه كثيرا، فتابع التعلم، رغم ما واجهه من فتور من بعض المهتمين الدنماركيين بهذا الرقص. قال الشاب "بدأت بالرقص في عمر كانت البداية بطيئة، لكني تابعت ونجحت".
بعد ثلاث سنوات امتهن الشاب هذا النمط من الرقص بشكل تام، وبدأ بالرقص في كل دول اسنكدنافيا، وكل أوروبا، وثم انتقل ليرقص في الصين. هذا العام بلغ سويلم الواحدة والثلاثين من عمره، وأصبح أكثر شهرة من البدايات. قال الشاب" أرقص منذ 15 عاما. أرقص كل يوم".
ظهر سويلم، كراقص جيد في البداية، لكنه يقول: كنت أريد ان أقنع الشعب الدنماركي، أن هناك مواطن من أصول عربية، يستطيع أن يقدم فنا وينجح." في البداية كنت أشعر ببرود في ردود فعلهم، فأنا شعري أسود واسمي محمد، ولم يكن سهلا تقبل وجودي كراقص بينهم".
لكن محمد، الذي ظهر قبل سنوات قليلة على شاشة التلفزة الأوروبية كواحد من أشهر راقصي الشوارع في أوروبا، لم يكسر برود الدنماركيين فقط، إنما نظر إليه في كل أوروبا كواحد من الفنانين المميزين.
"كنت أريد أن أظهر أمام الدنيا شيئا مختلفا، أردت أن أرقص أمام كل أوروبا". وتظهر ابتسامة الشاب عندما يتحدث عن النجاح الذي حققه في الدنمارك وفي الدول الاوروبية الاخرى.
وقال" أنا فلسطيني. انا دنماركي، لكن الفن اكبر من كل الجنسيات، دائما كنت اريد ان اجعل الكل يعترف بقدرتي المتميزة على الرقص". ورقص الشوارع معروف لدى الشبان في الدنمارك لكن قليلين استطاعوا الوصول الى الشهرة مثل سويلم.
وقال الصحافي الدنماركي دان لارسن وهو والد صديقة سويلم الحميمة، إن الاخير استطاع ان يحظى باحترام المشاهدين، ليس لأنه جاء من اصول مختلفة، بل لانه استطاع ان يكون متميزا على مستوى البلد الذي يعيش فيه.
لكن بعد سنوات طويله من الرقص والشهرة، ووصول سويلم الى العقد الثالث من عمره، بدأ الراقص المشهور برحلة جديدة مع الفن في مدينة كوبنهاجن، التي تحضن مدارس التمثيل المشهورة.
واقفا بين مجموعة من الممثلين الشبان قال سويلم" اعطيت سنوات طويلة من عمري للرقص. صار الرقص مرهقا لعمري" ومرة اخرى يبهر الشاب لجنة قبول المواهب في أكثر المدارس شهرة في تعليم التمثيل عندما استطاع اجتياز امتحان القبول من المرة الاولى لدراسة التمثل في مدرسة اونيليا.
ويمكن ان يلاحظ رقص الشوارع والساحات في المناسبات العامة، حتى ولو كانت سياسية او ذات طابع عالمي.
فالبلد التي تعطي حرية للمنظمات اليسارية العمل فيها مثل الجبهة الشعبية ومجاهدي خلق ومنظمات اخرى مثل التاميل وحركة التحرر الكردية، تعطي شمسها للفتيات الرشيقات الشقروات، الحرية في الاسترخاء والتمدد: مئات الجميلات نسبيا احتفلن في العيد بنصف عري والكثير من الجعة. عيد عمال غريب تحتفل فيه المنظمات العسكرية والشيوعية وحشود من انصاف العاريات جنبا الى جنب تحت مظلة شمس مفاجئة.
ورافق كل هذه الاحتفالات مقاطع من رقص الشوارع الذي اداه الشباب الدنماريكون. وفي هذا الاسبوع يحتفل الدنماركيون بيوم الرقص، حيث تظهر الفرق الراقصة تنتشر في الساحات العامة تؤدي رقصات مختلفة.
ويسكن ليس اكثر من 30 الف فلسطيني في الدنمارك، ويعود الوجود الفلسطيني في هذا البلد الى منتصف القرن الماضي، حيث كانت طلائع المهاجرين الاوائل من طلاب العلم والعمل، لكن الحرب الاهلية اللبنانية والهجمات التي شنت على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان دفعت بالكثير من العائلات الى طلب اللجوء في هذا البلد.