الإثنين  23 كانون الأول 2024

فلسفة الرواية ومطمح الراوئي بقلم: مرمر القاسم الأنصاري

2014-10-29 07:25:08 PM
فلسفة الرواية ومطمح الراوئي
بقلم: مرمر القاسم الأنصاري
صورة ارشيفية

 

إن تمكن جنس الرواية بالمادة الأدبية وبالشكل الفني أن يدرك النضال في الاستيعاب فإن الرواية ليست ظاهرة محدودة ومرتبطة بالاستيعاب وأنه يجب تخطي التفكير من خلال عمل تمييزي نقدي ،بمعنی إن كان هدف الشيء الذي نتبعه يتمثل في الاعتراف بالحالة، علی أن ندع معاني النص هي من تحدد ويصنع الهدف في قالب جامد،والأدب موروث يدعو إلی نقد تشعبات المجتمع حيث أن الموقف الانعكاسي يظهر مكانين غير متكافئين في الكينونة وجود الرواية كنص أدبي ووجودها كوعي اجتماعي ثقافي.

كروائية أطمح إلى أن أجد ملجأً آمنًا في الرابط بين فلسفتي ضمن حوار مستمر بيني وبين المتلقّي من خلال ما أقدّمه من أعمال ثقافيّة وأدبيّة.

 الرواية مؤكدة بحد ذاتها على نحو كامل غير متكامل،علاوة على ذلك يمكن لأحادية الفكر ألا تستجيب لفكرة وجود حقيقة ما في  الرواية ويمكنها أن تستجيب للتفكير ليس على أسس تصديق ما جاء في الرواية كي لا يكون لعدم التأكيد فرصة مطاردتنا بواسطة عقبة "يُصدّق أو لا يُصدّق،منطقي أو غير منطقي."

الرّواية والحقيقة ليستا كينونتين مختلفتين،ولكنهما معنيين لكينونة واحدة يعارض ويكمل أحدهما الآخر بذات الوقت.لذا فالكاتب حين يدّعي بأن شخوص روايته محض خيال الأجدر به أن يعلن  عنها ويقدمها كروايات خياليّة ..

مهمة الروائي لا تقتصر على وظيفة واحد يمكن لنا تعريفها باختصار،فله أن يكون مرشدًا خاصًا وله أن يكون بطلًا مثل أبطال الأساطير،وفي أحيان يكون هو الهامش الذي يمر به المتلقي ولا يلحظ وجوده.

ثم أنه لا يمكن للراوئي اختزال الواقع وغموضه في رواية واحدة وجعلها مثمرة في إظهار ما ندركه وما نخسره أو نربحه مستعيضين بحركة الشخوص في الرّواية،هي فقط يمكنها أن تحول الواقع المعروف والواقع الغامض إلى كلمة ورؤيا محسوستين ذوات قيمة وجودية.

عندما نتصرف ندخل تلقائيًا في فخ الحياة الجمعية"المجتمع"وتبدأ لعبة التفاعل الّتي لا يمكن السيطرة عليها ما أمكن كي تمنح معنى موضوعيًا لأفعالنا يعكس ما يهيئ نوايانا،إذ يبدو أن هنالك لعبة من الحياة على البعض،ولكن في الحديث عن إدارة الخير من الأشياء تغدو أفعالنا ذات مواقف كارثيّة في بعض الأحيان تصبح القسوة أقل وطأة من الحديث  المفرح.وبنظرة سريعة إلينا الآن نجد أننا فقدنا الإحساس بحجم الصّدمة لسماعنا ومشاهدتنا الموت اليومي،بينما لو أعلنا الآن عن  عرسٍ أو مناسبة "مبهجة"سنلاحظ كيف تعلو الدّهشة لتكسو وجوه الحاضرين.

لا يوجد هدف إيجابيّ أو سلبيّ بشكل صرف، بين الكينونة والهدف والكينونة الفاعلة في النّص وبالتالي فإن الحياة ليست ذات وساطة واعتدال صحيح بشكل عام أو التجسيد في حالة الإنسان داخل المجتمع،أي أنه على هذه المحاكاة أن تقول لنا أن جميعنا نقع في خانة نظام الكينونة ،وأن جميع أنواع التواصل الإنساني تتطلب تواصلًا بين الكينونة والهدف،وكينونة المتلقي الفاعلة في النص.

مما يؤدي إلى حركة إنسانية عنيفة مع العالم الخارج عن كينونة الفرد،وهذا يجعلنا في حالة نشوة من امتلاكنا وعيًا وإدراكًا عن العالم كعقل مشترك بين الراوي والجميع في البيئة ومسارح السلوك في الحياة بكافة طبقاته وطوائفه.

هكذا سيعلن عن طيف اجتماعي شعبيّ واحد بعفوية من خلال زج السلوك في العالم ومن خلال أدواته الثابتة"أفراده"ومن خلال دوائر مفتعلة سابقًا حيث يمكن للإنسان أن يكتسب الفضاء العقلاني والعلمي المعرفي ويمكنه أيضًا أن يخرج هذا السلوك من بيئته وسيراه حتمًا ويقوم بإخراجه من بيئته  ليصدّره للخارج ،وبالتالي سوف يقوم بخلق تاريخٍ وثقافة بكل تأكيد.

العمل الروائي يتسم بعنصر الوعي النظري وهو بمثابة متنفس في حد ذاته يمنحنا أفقًا للنهوض بالإبداع وبالتالي اتساع بقعة الوعي لدى المجتمع،فالروائي يكتب ما لا يراه الآخر،والمتلقّي بدوره يقرأ ما لا يراه الكاتب،وفي النهاية يكملان المشهد.

ومن المؤسف أن نجد من المثقفين أنفسهم من يمكن لهم أن يُهملوا نصًا جيدًا أو يُعلوا من شأن نص أقل جودة ولأسباب تتعلق بالمديونية الثقافية،وهذا مفهوم تفشّى في واقعنا الثقافي،و يأخذ صيغة السلعة التبادلية، من خلال بؤر النقد وزوايا الإشهار،علاوة على النقد حسب الطلب وجميعها منحازة ،لحسن الحظ لا يمكن للمادة السيئة أن تطرد المادة الجيدة.