الأحد  22 كانون الأول 2024

عن الصداقة والأصدقاء ..

2014-05-27 00:00:00
عن الصداقة والأصدقاء ..
صورة ارشيفية

إذا قالت حذامِ

بقلم: ورود الموسوي - لندن

على ضفةِ الوقتِ كنتُ أقلّبُ صناديق الذاكرة لأختارَ منها بعض ما خصّ القولَ .. وعند أول صندوقٍ رأيتُ وجوهاً تطلُّ عليّ وتصرخُ بي .. فأشحتُ عنهم جميعاً .. ليس بعدُ .. وفي الصندوق الثاني وجدتُ نوراً يشعُّ ووجوهاً أشرقت بالطيبةِ والإنسانيةِ التي نحتاجها كثيراً  .. فأشارتْ لي : أنّ القولَ قد حانَ كي تقولينا .. وليس عندي ما يمنعني من الاستجابة لوجوههم الطيبة .. وها أنا ذا أفرشُ الدربَ أمامكم كي أقول:

بعض المقولاتِ تؤكّدُ أن لا صداقة بين رجلٍ وامرأة إذ الشيطانُ سيدخلُ لا محالةَ بينهما موسوساً وحاملاً شراكه وشباكه لتوقع الصديقين في شراكٍ أخرى .. وتؤكّدُ بعض الدراسات النفسية أيضاً أن المرأة لا تميلُ الى صداقة نظيرتها المرأة .. ولا بالبوحِ بأسرارها لها .. خاصةً لو كانتا من مجال واحدٍ , فنانتانِ أو شاعرتان أو استاذتان على سبيل المثال  ... الخ وخاصة لو كانتا على تنافسٍ حول الأفضلية .

لكنّ الواقع الحياتي الذي بات مفتوحاً على مصراعيه بعد ثورة التكنلوجيا الحديثة أثبتت أنّ الصداقة ممكنةٌ بين الرجل والمرأة وبلا شياطينَ أو ملائكة .. لأنها بعدٌ إنسانيٌّ أولاً .. فالمرأةُ قادرةٌ على جعل المخاطِبِ لها يلتزمُ كُليّاً بالحوار ولا يتعداه لشيء آخر .. وكذلك الرجل باستطاعته إلزام المرأة بالحديث المحدد بينهما ولا يسمح لها بالتمادي معه .. لكن هذا يحتاجُ منا :

أن نقدم إنسانيتنا أولاً فينظر الرجلُ للمرأةِ على أنها إنسانٌ أولاً وأنثى ثانياً .. وتنظر المرأة للرجل على أنه إنسانٌ أولاً وذكرٌ ثانياً .. بمعنى ... حينما يتخلى الرجل والمرأة عن جنوستهما الأولى ( ذكر/ أنثى) ليتعاملا بإنسانيتهما أولاً متخذين من الجنوسةِ بعداً ثانوياً للعلاقة القائمةِ بينهما فإنّ مفهوم الصداقةِ سيثمر عن علاقةٍ حقيقية لا يشوبها شيء .. إذ المبدأُ هو الإنسان وعلاقته بالإنسان النظير .. حين تخاطب المرأة عقل الرجل لا عواطفه وغرائزه ستكون الرفيقة والشريكة الفكرية وسيجدا متعةً أخرى غير اللذائذ المؤقته الجسدية .. وهي متعة التشاور والتحاور والتذاكر المعرفي وهذا عنوانٌ آخر للرقي الحضاري .. وكذلك الرجل حين يفهم المرأة ويخاطب عقلها وينظر لاحتياجها الشريك الثقافي والصديق العقلي بدون الحاجة للهاث وراء أنوثتها هنا سيتخلص المجتمع من عقده اتجاه الجنس الآخر وستتحول الحياة إنسانية بينهما وهذا ما أثبته الواقع الذي أفرز بعض الصداقات التي شكّلت منظومةً اجتماعية جميلة وناجحة.

كذلك المرأة التي لا تحبّذُ في الكثيرِ من الأحيان البوح بأسرارها لإمرأة وتفضّل الرجل لاستئمان سرّها .. فذاك لفكرةٍ مسبّقةٍ مبنيةٍ في ذهنها ... مفادها أن (هذه الواقفة أمامي لا تنوي لي الخير وهي تغار مني)  هذا الاستباق للحدثَ وجعل الأخرى نداً وعدواً من قبل معرفتها أو الحديث معها يجعل العلاقة متوترة بين النساء العاملات في الحقل الواحد أياً كان مستوى وعيهن .. وربما يتحمل الرجلُ جزءً من توتر العلاقة بخاصة لو كان ميّالاً لواحدة على حساب الأخرى .. هذا ما نراهُ يزعزع العلاقة في صفوف الفنانات والمطربات والشاعرات وهلمّ جرا .. في العلاقة بين المرأة والمرأة نحتاجُ وعياً حقيقياً من النساء كي يتعاملن بطيبة أكبر ومحبة أعمق مع نظيراتهن .. إذ حين تتعامل المرأة بإنسانيتها وفطرتها الأولى المفعمة بالطيبة وتقابلها الأخرى بذات الحس الانساني المتجذّر في المرأة فستختفي الضغائنَ وتنزاح الغيوم عن العلائق البشرية الانسانية .. وقد أثبت الواقع أنّ كثيراً من الشاعرات والفنانات والمطربات الناجحات على علاقة طيبة مع نظيراتهن .. وهذا يعني أنّ الفهم الإنساني والتعالي على الصغائر سيجعل الحياة أجمل ويجعل العلاقة الانسانية هي الأقرب للتعايش الروحي مع الإنسان.