وردة للصدق.. فلة للوضوح.. سنبلة للذات إذ تعلو بأوجاعها.. ونشيد للوقوف في جمر السؤال.. بنفسجة للذات إذ تصعد من ذاتها إلى نرجسة الحبيب.. تصيرها في الطريق إلى الطريق.
على حجر سأبكي وأسأل.. على حجر سأنقش وجهك وما لم يقله الآخرون، أين نحن من يدينا! فضاؤنا الرحب أينه؟ أفي موتنا البطيء أم في رغباتنا المؤجلة! وماذا نحن.. ومن نحن سوى بحثنا المضني عن الذات والحبيب.. ما الذي يشدني للتراب يأخذني أخذا لطراوته التراب.. أصغي لنشيدي.. أهو تاريخي أم الكيمياء! أهي وحدة التكوين أم غياب من أحب! ومن أنا؟ هل هو أنا أم لغتي؟ أم أنا أوغل في لغتي.. كي أنأى عن الأنا..
وأحب في ما أحب.. وأبغض في ما أحب، جنوني.. عادية وجعي.. وجلجلة الأنين في الحنين إلى إحد.. وأراني حينا.. ذهنا متقدا يفيق كما العنقاء شفيف.. وأحب في ما أحب.. أرقي وأشيائي التي انغرست بذاكرتي كنقش صخري وبريق ضوء يميل.. كلما شمس مالت لغروبها يميل، وأحب في ما أحب ...تأجيلي لروحي في الحياة.. وتأجيجي لها في الورق.. فهل أنا أنا! أم أحب في ما أحب.. جميعكم.. من رأيت ومن لم أر.
أذهب طوعا وقسرا للكتابه.. أسكب فيها غموضي.. أحن علي لأصحو علي.. أدسني في جروفها.. كمهمل يفتش عن معناه وأناغيها.. علها تناغيني.. فلا أظل نسيا طريا..وأظل يفاجئني داخلي.. إنني بعد لم أقلني.. ربما الوقت والحشرجات.. ربما انغمست فيها فانستني ونسيت أنها الكتابة آسرة.. تسحبني من خجلي إلى جرأته.. وتصد جرأتي المجهده.. توه.. أو أنسى ملامحي الأولى.. ثم أصحو.. بعد.. بعد.. فأجدني لم أضف بعد غير ألأهة للسؤال..
قلت الكتابة ليست قاتلتي.. قالت: وليكن بدءك فوضى.. قلت: أين أفتش عني..أفي خارج الكلمات؟ قالت: في كل ما استطعت فيك وحولك.. قلت: شحوبي يعتليني، وأحسني أنسرب من جرحي إلى ضجر.. احاول أختبئ مني.. أثمل.. أحدق في.. دوما أراني معلقا في السؤال..
والأشياء واقفة تظل على باب البحر.. وفيّ.. كأنما الأضداد تلاطم الأضداد.. أضداد تعانق أضداد.. ربما.. وكما يكون الموت وقفا للمياه كذا تكون الحياة.. اندفاق معنى في السؤال، والسؤال أوجاع أشرعه..
وما بين قدرتي ولا قدرتي على فهم ما قال الغائبون، انبش ذاكرتي عما يوازن بين أضدادي.. ولا يكون انسياقا لحاجة عابرة.. ولم أجد لأني لم أجد.. ربما أنني أشتهي احتيالا جميلا.. يأخذني من أرقي.. يعيد ترتيبي.. يمحيني من عيون العسس وينقذني من نايات الصباح ويمنحني حرية الساقين، لأركض.. أركض أركض باتجاهي.. أخدش هذا الصمت..
صار سؤالي يتعبني.. هو لا يمزق أشرعتي.. يقض فكرتي ربما.. يؤرق حدسي ربما.. يوسع أشرعتي ربما.. لا يحيلني الآن إلى تراب ربما.. كأنما يعبث بي، أو كأنما سؤالي لا يريد.. يدهش بالدم المحاط بالذاكرة.. لا يريد.. يرتعب أمام هدوء البحر والسوسنه كأنما سؤالي ليس صاخبا ولا هادئا.. كأنما سؤالي خلخلة فقط.. كأنما سؤالي فقط.. لعلي أرى..
.فأنا أحبك.. وأحب أذنيك تصغيني حين أنشد.. وحين أنام.. وأحلم بك.. جسد المرأة الأولى.. وروح الإنسان.. ربما وهما.. حلما .. وعيا.. وربما مزدوج الوعي الاشتهاء.. فما سر الربط بين الرمل والأنثى.. أو بين ذكر وماء.. لما أبعد عن أولاتي.. أو ما قيل لي إنها الاولات.. لما أفصل بين ما لا ينفصل.. هل شوهتني تملكات المفرد الشاحبة؟ أخبريني. أو اصرخيني إن شئت ولنكن ما شاءت خطانا..
قالت المنشدة: أنا لحبيبي وحبيبي إلي.. فقلت: كما روح حطت قرب أنين روح.. وقال المنشد: أنا لست لحبيبي وحبيبي ليس لي.. فقلت: كما فراشة حطت على صغير ضوء.
فكرتي صارت أرق.. أعضائي تستلب ودكة الموتى تغص بمكتوم الصرخ.. فأنقذيني مما يجعل البوح مقصلة.. أو قولي.. أنى سأذهب.. والتاريخ يلاحقني كالعسكري المجازف.. وأنت أنت.. وردة الطريق إلى الياسمين.. وملح الطريق إلى سواك.. وأنت أنت.. نافذة للفراش الحر.. وأنا أنا وما زلت أسأل متى نغني للفرح؟
وماذا يحب الذكر في الأنثى! وما يدفع أنثى إلى ذكر سوى رغبة التماهي بالجلجلة.. وفي لحظة نحتاج البكاء على صدر الحنين.. ومن نحن سوى ما ميزتنا الأشياء به في لحظة خصب ساخنة قبلنا.. لتنهض اللحظات بعدها بنا.. على نمنمة أعضائنا ونحسه الأنوحاد المر يكبر فينا ومعنا وبنا.. ونشتهي البوح كي نحيا.. فماذا أحب أن أدري حين أدري غير أن أدري من أنا فيك.. فانتشري في دمي حبرا ملحا ماء وإلها يدب في الحياة، فأنا أحب فيك كل ما أحب..
وأنا ما زلت أفتش عن حجر أسند ساقي إليه وأصرخ.. أحدق في ظلي كي أراه وأحدق في المعنى كي لا أرى الغياب.. فما عاد الموت موت وما عاد المحض محض كل يتداخل في كل.. وأنا ألهث بالكتابة نحو وضوحي العالي كي أراك.. وكي لا تظل فاكهة المعنى صور تؤلفها الذاكرة.. ولا أظل أفتش عما لن أجد.. وأصرخ.. أفتش عن حجر وعني.. لأنني أريد أن أرى دونما التياثي بكتابتي عن الالتياث..
وأريد.. أريد أيتها الكتابة قبل نفاذ الحبر أن أرى وأن أقول: أفاقت روحي من غفوتها.. واتخذت منك شكلا أوليا للحياة.. وأريدني حجرا وأركض نحو الآتي.
تعالي إذن نعيد ترتيب معنانا.. منذ الطبيعة الأولى وحتى القمر.. نخلع ما ترسب منهم فينا.. نحك جلدنا بخشونة الفولاذ.. وننزع عن دمنا الطحالب.. نقرأ الأشياء منذ البداية.. منذ الاولات ونسأل أين الحكاية.. في تقعرات الذهن أم في البدايات.. وما الذي فينا سينجرح إن نحن حاولنا.. ذهننا المجرح بالندوب وحدسنا المعتق بالخدوش وروحنا المجلود به كلما شاء أن يصحو.. وهل من مساحة فينا لم يهشمها أحد؟
تعالي نعيد إصغاء الأغاني.. تعالي نشتهي الأمنيات.. تعالي نعيد اندفاق النبيذ في الأوردة.. تعالي كي لا يظل دمنا مسفوحا مباحا لكل من شاء أن يستعيد على ظهرنا أمجاد العرب.. ونصرخ فيهم.. هذا لب الحكاية وهذا عنق عشقنا.. كما ضوء في ثنايا الروح متى انطفاء أيقظ كل الأسئله.
داهمني ضدي اللحظة.. وألقيت القبض علي أواصل حلمي.. عاندني ضدي وذكرني أن الحياة لن تأخذني لمشتهاي.. فحزمت أضلعي وصعدت حائط المدينة وتذكرت.. كم في الليل يجهدني الغياب .. تذكرت حجر السؤال.. الكتابة وما بين عيش وكتابه.. ضيعت مني الحياة.. فسامحيني حبيبي.. حبك كالقهوة.. وأنت بلاد دمي الآمنة وأنت نشيدي.. ولتذهب الأشياء ما شاءت مشيئتها ولتذهب الذات في الارتباك.. سأنتظرك وأنتظرك وأظل أنتظرك.. ونحوك أمشي.. مؤرجحا بين الزوربا والكتابة.