هنا..
من الدّور الخامس الّذي يتحول الإنسان به إلى محض رقمٍ أزلي من منظورٍ آخر، لا يتضح له معنى الحياة..
يمكنك أن تتحول إلى شيطانٍ مارد، يدس نفسه من تحت الأبواب، يبصق في وجه الطغاة وجبابرة القوانين، يُهزأ الأقفال ،يُحرك عقارب الساعة كما يحلو له،وينطلق ليداعب بألمه أصابع العدم.
في الدور الخامس، يمكنك أن تصبح مُهرجًا في عرضٍ مسرحي لأطفال لم يتجاوزوا العاشرة، مهرج بعينين جاحظتين وقلبٍ مُخدّر، بأطرافٍ ناعمة ولهجةٍ حادة، يُمثّل خوف السمكة ثم..ينهار.
في الدّور الخامس، بإمكانك أن تصير بحرًا، بحرًا فائضًا بدموع الصيادين غير المبررة.
-كيف للدمع أن يلعب لعبة الأمواج في العين؟
في الدور الخامس أيضًا في الزاوية المطلة على قُطّاع الطرق وصعاليك الليل بالتحديد، قد تصير جثة،نعم لستُ أهول الأمور صدّقني، جثة رقيقة مندسّة تحت فراشٍ دافئ، تنتظر أن يخلع بابها أحد .
وفي الدور نفسه، قد تصبح عصفورًا، يظل يرتطم في وجه الحقيقة محاولًا أن يلّون وجه الأيام،ظانًا أن ارتطامه سيولد ثقبًا يفتح نور الحياة في صدره،حتى يسقط خائرَ الرّوح لفرط الخذلان.
من هنا، يمكنك أن تصير أيَّ شيء يَدَّعي ضرورة العدم والتماهي مع كل ما هو عكسٌ للوجود.
لا رفرفةً في صدري، لقد حرقوا أجنحة العصفور، فلا توبخ هذا البؤس فيّ.