الأحد  22 كانون الأول 2024

ألو: تكسي الرافدين.. بنعتذر عنا شهيد!

بقلم: تحرير بني صخر

2018-12-18 11:41:06 AM
ألو: تكسي الرافدين.. بنعتذر عنا شهيد!
تكسي (تعبيرية )

 

مضت عدة أيام على استشهاد نعالوة والبرغوثي ولا تزال الدموع تنهمر والقلب كالطفل اليتيم، كاذب من قال إن الوقت كفيل لننسى، كيف ننسى؟. ففي قصة سمعتها من صديق "أن طفلة عرفت بالشقاوة وهي وحيدة والدها أصيبت قبل عامين بالسرطان، ذهبت الطفلة ولازال والدها يردد ذهب ما كنت أحيا من أجله.. وفي بيته تحديدا في غرفة طفلته ملابسها كما كانت كأنه لم يتغير أي شيء".

إذن هي تمتمات تشل، دعوات رحمة وأمنيات أن لا تذهب الدماء التي أزهقت هدرا، يقول البعض "علّها بداية انتفاضة ثالثة"، فما نعيشه هش سيختفي بمجرد استشهاد صديق أو أخ ولربما أم، حينها لن تمنعك برمجتك لسنين عن تهكير نفسك لتثأر، الآن لقمة العيش لم تعد مهمة!

لنبدأ بأسطورة عودة جيفارا والتي تجسدت بنعالوة، يقول جيفارا: "على يميني مارد اسمه الفقر وعلى يساري سفاح اسمه الاستبداد وخلفي نظام يعذبني ويستعبدني منذ قرون خلت وفي الأمام أرى تمرد شعب.. ثورة شعب".

إنها الثورة إذن، البطل الثوري، استشهد فانتفض الشعب!

نعالوة من اختفى بطريقة لم تتقبلها إسرائيل، خاصة وأن جهاز الاستخبارات الإسرائيلية يعتبر من الأوائل عالميا، أضف لذلك أن ملكيتها للشركات التكنولوجية أيضا عالية، لكن نعالوة بطل مغوار ويبدو أنه تعامل مع الجن!، مر شهران دون جدوى من اعتقاله، لكن في نهاية المطاف استشهد، كانت ردة فعل الفلسطيني على شكل عمليات فردية قتل على إثرها بعض الجنود، في حين استمرت المواجهات في كافة مناطق الضفة الغربية.

"أقرب تكسي بكون عندك"

في الصباح كالعادة أطلب تاكسي الرافدين للذهاب للعمل، يتأخر التاكسي لربما أو يأتي في موعده الأهم أن اليوم ردهم لم يكن "أقرب تكسي بكون عندك" بل كان "بنعتذر عنا شهيد".

هل أحلم؟ هل يعقل ما سمعته، من استشهد أيعقل أن يكون ذاك المبتسم العجيب!، فحقيقة أنني ممن يحتاجون للكثير من الوقت و الكافيين لأصحو من نومي لا ابتسم أو أتكلم كثير، لكنه كان يأتي مبتسما إنه صالح!

ابن تيمية يقول: "ما يفعل أعدائي بي؟ إن جنتي وبستاني في صدري.. إن قتلي شهادة، وسجني خلوة، ونفيي سياحة"، ذهب بطل جديد لينتفض الشعب على شكل عمليات فردية ومواجهات أصيب على إثرها الكثيرون، لكن الاختلاف لم يبدأ على تسميتها سواء انتفاضة أو هبة شعبية.

كتب زميل صحفي عن صالح قائلا "مش قادر أصدق يا صالح! كنت دايماً الصبح لمّا أتأخر واضطر أخد تكسي أحكي يا رب يكون دورك بالمكتب قد ما كنت اتفائل فيك الصبح!! ودايماً نقعد ندردش عن الطقس وتحكيلي شو في أخبار قبل ما أوصل الإذاعة.. وكنت أنزل من التكسي وتحكيلي راح أسمعك.. بس ما كنت أتوقع إنه خبر استشهادك يكون هو خبر اليوم".

نعالوة وصالح كغيرهم من الشهداء قدموا الكثير لوطنهم وأخيرا قدموا روحهم، الشهداء هم من يمجدون هذه الأرض أما أمهاتهم فطوبا لهن ورحمة لقلوبهن، لكن لحظة.. درويش يقول: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" لكنهم ذهبوا بعيدا!