الأحد  22 كانون الأول 2024

كبرياء شبل

2019-03-03 11:01:29 AM
كبرياء شبل
أسامة أبو كرش

 

الحدث ـ أسامة أبو كرش

 2/3/1988 ينادي السجان الأسماء للزيارة وكنت قد صحوت مبكرا للتحضر للزيارة الأولى وأثناء هذا التحضير وتقليدا لزملائي الأكبر مني سنا بدأت بحلاقة ذقني، وانتبه عبد الرحمن رفيق الأسر أنني أحلق بطريقة خاطئة فعلمني كيف الحلاقة لأول مرة وهي مهمة الآباء.

كنت حريصا على أن أبدو بكافة مظاهر الرجولة المتاحة أثناء الزيارة فأخذت معي كأس القهوة والسيجارة وهي المرة الأولى التي أدخن فيها في العلن أمام أمي وأبي، والأولى التي أحمل أمامهم هذا الكاس الكبير من القهوة كأحد علامات الرجولة للمراهقين فلا خوف من أن ينبت الشارب.

وبعد اللقاء وتقبيل الأصابع وهو النوع الوحيد المتاح لتقبل أمك أطراف اصابعك من فتحات السلك، كان السؤال الأول: هل أحضرتم الدخان؟. هذا التظاهر وادعاء الخشونة والصلابة كان يخفي طفل وأمنيات فتى." كم وددت في لحظتها أن يكون كل الذي حدث شقاوة مراهق أمضى يومه يلعب ويتسكع وعاد للبيت متسخا جائعا متعبا وكله خجلا من تأنيب أمه وهي تعد الطعام وتطالبه بالاستحمام أولا.

 وددت لو أقول لها أن طعامهم مسخ ولا رائحة له و أن أغطيتهم خشنة.. أن أقول لها أرجوك خذيني معك "خلص بطلت العب." وأعود لأقول لرفاق السجن في قسم الأشبال: "أمي في الخارج بتستناني وبدي أروح معها وبوعدكم أرجع بكرا".. و في الطريق أطلب من أمي وأتوسلها أن لا تقول لأبي كي أفلت من العقوبة. ثم أصحو على صوت يقول: "الزيارة خلصت" و أعود لغرفة 6 قسم (د) في سجن الخليل.