الأحد  22 كانون الأول 2024

للخروج من النفق بقلم: خالد أحمد الطريفي

2019-03-08 05:55:36 PM
للخروج من النفق
بقلم: خالد أحمد الطريفي
خالد أحمد الطريفي

أصدر الرئيس قبل مدة تقارب الشهرين قرارا بتجميد المجلس التشريعي الفلسطيني واعطى تعليماته بتشكيل حكومة جديدة ...وعلى مدار الأسابيع الماضية لا تزال حركة فتح على وجه الخصوص وفي داخل لجنتها المركزية تتباحث وتتشاور وتتصارع على اسم العضو الواجب تكليفه بتشكيل الحكومة .

في تجربتنا السلطوية المتواضعة خضنا تجربتين للانتخابات الأولى عام ١٩٩٥ والثانية عام ٢٠٠٦ وبالامكان اعتبارهما خطوة كان لا بد منها تمهيدا لحياة ديمقراطية حلمنا ولا نزال نحلم بها وجزء من مداميك بناء الدولة الموعودة .

وفي ذات المسار لا تزال الحوارات بين حركتي فتح وحماس وباقي القوى على قدم وساق في موضوع المصالحة وإن شابها أحيانا بعض التنغيصات بقصد أو بدون وبتأثير من الغير أو بدون أيضا .

وفي ظل هذه المهمات الفلسطينية قامت حكومة نتنياهو بتفعيل الخصم من فاتورة المقاصة الشهرية بحجة الأموال التي تدفع من السلطة للشهداء والأسرى وما رافق هذا الملف من مواقف أقل ما يمكن القول فيها بأنها مواقف إيجابية حيث لا رضوخ فلسطيني أمام التعنت والصلف الإسرائيلي .

ولنا في هذا المشهد الكثير من القول والذي بالامكان اختزاله بالقليل الفاعل ، حيث لا يجوز لنا وفي ظل المستقبل المجهول والواقع الصعب أن نبقى ضاغطين فقط بالاصبع على الجرح العميق والنازف بغزارة في الضفة وغزة والقدس ، بل أصبح أكثر من واجب ان نبدأ عمليا باخاطة هذا الجرح لإيقاف النزيف وكشفاء ناجع له .

لا يكفي أن تقوم حكومة تسيير الأعمال الحالية وللخروج من مأزق الرواتب بالخصم على الموظفين أو رفع الضرائب أو الإكثار من العلاقات العامة التي أثبتت فشلها سابقا والتي لم تساهم في حل الأزمات الكثيرة التي عاصرتها الحكومة الحالية والحكومات السابقة وإن اختلفت مسمياتها .

ولا يكفي أيضا أن تعلن لنا اللجنة المركزية لفتح عن اسم الشخصية التي ستشكل الحكومة لحين إجراء الانتخابات التشريعية والتي لا يعلم الا الله متى وكيف واين ستكون ، خاصة وأن حكومة فتح القادمة قد لا تحظى بتأييد ودعم الكثير من أبناء شعبنا سواء في الضفة وغزة أو الشتات وأيضا قد لا تحظى بدعم الأصدقاء العرب وغير العرب ، خاصة وأنها وقبل تشكيلها قد حددت لنفسها سقف العمل المناط بها والذي لا يعدو كونه تشديد وزيادة في الضغط على الجرح النازف في إطار الخبرات السابقة لذات العقول والوجوه التي أدارت السلطة منذ عقود

لا غرابة في كون فتح هي التي تتحكم في كافة مفاصل الحياة في الضفة ولا غرابة في أن حماس هي الأخرى التي تتحكم في مفاصل الحياة في غزة ، خاصة وأن هذه المعادلة قد فرضتها علينا حالة الانقسام منذ سنوات قد طالت كثيرا ، وما تبقى من قوى وفعاليات وطنية وغيرها بالأمكان القول إنها قد استحسنت هذا الواقع للحفاظ على ما تبقى لها من امتيازات إن جاز لنا التعبير ، على الرغم من أشكال الابتزاز الممارسة عليها من قبل من يدير الضفة وغزة بين الحين والآخر  .

 كيف لنا أن نخرج من هذا الواقع النازف والمرير ؟

 اولا على الكل الفلسطيني أن يخرج  عن صمته وأن يشير بالبنان إلى كل من يعمل على تعطيل اخاطة الجرح،

وثانيا على الجميع الأدراك أن الوحدة الوطنية ليست شعارا استخداميا  وفقا للمرحلة وإنما هي وبها  قد تجاوزنا العديد من المآزق والصعوبات منذ نشأة الثورة الفلسطينية المعاصرة.

وثالثا ولكي يعرف كل طرف حجمه الطبيعي وبالتالي دوره ومدى قدرته على الفعل يجب أن تكون الانتخابات الشاملة هي البداية على طريق الشفاء التام ، ولا ضير في ان تكون بدايتها انتخابات الرئاسة والتشريعي ومن ثم انتخابات المجلس الوطني وما يسبقها من انتخابات لكل مكونات هذا المجلس من قوى سياسية واتحادات ونقابات مهنية ....الخ .

قد  لا يختلف أحد على ضرورة الانتخابات وعلى انها خير طريق وأسلوب للحياة العصرية خاصة وأنها أصبحت جزءا لا  يتجزأ من الحياة الديمقراطية ، الا ان البعض يعود بنا دوما إلى تجاربنا السابقة والتي اقل ما يمكن القول بأنها كانت فاشلة ولم تساعدنا في دمقرطة حياتنا ويسوق الكثير من المخاوف ويضع العديد من الاشتراطات لتتم هذه العملية بنزاهة وبخير ، والبعض الآخر يسوق حجته بان إسرائيل والغرب غير معنيان حاليا بإصلاح واصحاح النظام السياسي الفلسطيني الا إن ضمن مسبقا نتائج الانتخابات خاصة في ظل ما يخطط ويسوق له من صفقة عصر وترتيب للمنطقة عموما .

 إن هذه المخاوف وغيرها مشروعة ولكن لا يمكن لنا ولا يحق أن نبقى كما نحن وندفن رؤوسنا في الرمال وواقع الحال يقول بأن  الهيمنة والتفرد والتسلط والفساد وضياع الحقوق وامتهان الكرامة والبطالة والتأزم الدائم والمستمر   قد أصبحت جزءا من نهج وأسلوب حياتنا وعلى المواطن ان يقبل بما قسم له .

  إن الواقع خطير والمستقبل مخيف ، تفكروا في انفسكم الآن  وفي مستقبل أولادكم  ، ومن تهن عليه نفسه يهون عليه الوطن وكل ما سبق من تضحيات .