الأحد  22 كانون الأول 2024

غزة من يخمد نارها؟ بقلم: خالد أحمد الطريفي

2019-03-16 01:14:06 PM
غزة من يخمد نارها؟
بقلم: خالد أحمد الطريفي
خالد أحمد الطريفي

أكثر ما يستفزني هو المسؤول المتغابي عندما يبدأ بالتصريح مع تطاير الزبد من فمه وكأن المتلقي من الجمهور بلا عقل وبلا وجدان وبلا ذرة من ضمير.

 قرأت واستمعت لعشرات التصريحات والمواقف من طرفي الانقسام في الضفة وغزة حول ما يحدث في القطاع من أحداث البعض أطلق عليها حراك الجياع والبعض أجندات مشبوهة، وكأن الزمن يعيد نفسه ويعيد ذات التصريحات التي قيلت حول مختلف الحركات الشعبية والنقابية المطلبية التي كانت في الضفة خلال السنوات والشهور الماضية.

 مختلف التصريحات لم تخرج عن إطار التحريض وتوجيه اللوم للطرف الآخر وبأنه المسبب لحالة الغضب والعنف التي شهدتها شوارع القطاع وكل طرف بدأ باستخدام أنصاره لتحقيق الفوز على الطرف الآخر مبتعدا عن التلميح بدلا من التصريح عن ذكر حقيقة أن هموم المواطن هي الفتيل الذي أشعل النار المتزايد اشتعالها والتي جعلت من المواطن فريسة ولقمة سائغة يعمل على مضغها كل من لديه انياب وأضراس بارزة ونافرة.

 المواطن البسيط الذي لا يملك قوت يومه ويعاني من البطالة وحظه السيء جعله من سكان القطاع لسان حاله يقول أنا غير معني بأي منكما وكل ما أريده العيش الكريم كما كان عليه الحال قبل الانقسام وخلال اول سنوات له، حيث العمل والوظيفة وإمكانية السفر والعلاج والقدرة الشرائية كانت متوفرة لمختلف شرائح المجتمع الغزاوي على الرغم أن ما يعاني وعانى منه القطاع ليس وليد اليوم، وأسبابه تعود إلى ما قبل الانقسام والحصار وتفرد حماس في السلطة والحكم، إسرائيل مسؤولة وأمريكا مسؤولة والدول العربية والاسلامية أيضا مسؤولة، لكن المسؤولية الكبرى والاهم تقع علينا نحن الفلسطينيون حكومات وشعب وفصائل، خاصة ونحن مدركون تماما لما يحاك ضدنا وضد قضيتنا الوطنية من مؤامرات والتي وللأسف سنصبح عنصرا فاعلا وجزء اصيلا منها إن لم نصبح في الواقع، فما تقوم به حماس من سوء حكم وإدارة للقطاع وما تقوم به السلطة في الضفة من حصار وضغط على القطاع لن تكون نهايته مبشرة بأي خير.

الفارق الوحيد والبسيط بين سلطتي غزة والضفة حسب رأيي المتواضع يتمحور حول توفر الرواتب، ففي غزة شح فيها الا للمحسوبين على الطرفين، وفي الضفة متوفرة للمحسوبين على الطرفين ما عدا المغضوب عليهم، أما الامور والأحوال الأخرى فهي سيان وحالة سيامية من التشابه وغزة والضفة في "الهوا سوا"  فهو ذات القمع والهيمنة والتفرد في الحكم والغلاء والضرائب والوساطات والاعتقالات والاعتداء على الحريات ...الخ من أشكال عدم احترام المواطن وعدم توفير أدنى متطلبات العيش الكريم له.

واخيرا ما هي العقلانية المطلوبة لإيقاف الحراك الشعبي في غزة؟ ومن لديه القدرة للضغط على الفرامل ولو مؤقتا إلى حين الخروج من هذه المأساة، هل هي حركة حماس والتي حتى كتابة هذا المقال لا تقر بأن سياسات حكمها للقطاع أحد أهم المسببات لهذا الحراك؟ ام السلطة التي لا تزال تصب الزيت على النار في مختلف تصريحات الناطقين باسمها؟ وإن كان للدم الفلسطيني حرمته فلا بد أن يخرج بعض العقلاء من ثنايا هذا الشعب ليقولوا ويعملوا ما يجب أن يقال وأن يعمل.