الأحد  22 كانون الأول 2024

الكل الفلسطيني يتحمل مسؤولية مأساة غزة.. كل حسب دوره في الانقسام

2019-03-19 07:31:13 PM
الكل الفلسطيني يتحمل مسؤولية مأساة غزة.. كل حسب دوره في الانقسام
جهاد عبد الناصر البدوي

بقلم: جهاد البدوي

منذ بداية الحصار على غزة يتبادر لأذهان الكثيرين من الباحثين والمهتمين بالشأن الفلسطيني استفسارات عديدة أهمها؛ من المسؤول عن حصار غزة، وهل العدو الصهيوني وحده المسؤول عن حصار غزة وتجويع شعبها، أم أن هناك ثمة أطراف فلسطينية واقليمية وأخرى دولية تريد حصار غزة لتركيعها أو ترويضها كونها أخر قلاع المقاومة في المنطقة...

بحق لو نظرنا لما جرى في آخر جلسات الحوار الفلسطيني بالقاهرة وما تبعه من تصريحات من كبار قادة السلطة الفلسطينية لوجدنا ضالتنا دون مواربة، فبعد أن قبلت حركة حماس التنازل عن إدارة غزة وتسليم المعابر والوزارات وكل ما لديها لحكومة "رامي الحمد الله" السابقة، وفي ذات الوقت خرجت العديد من الأصوات والعديد من قيادات فتح والسلطة الفلسطينية برام الله تطالب حماس تسليم غزة فوق الأرض وتحتها وأنه لا يسمح ولا شرعية لسلاح سوى سلاح السلطة فقط كشرط مسبق لاستلام السلطة الفلسطينية ملف القطاع كبداية لانفراج الوضع السياسي والمعيشي بالقطاع وهو ما يعد كناية عن عدم قبول السلطة بسلاح المقاومة وهو الوحيد الذي يدافع عن شرف الأمة والشعب الفلسطيني...

بلا مواربة وبكل صراحة هناك طرف فلسطيني مستفيد من حصار غزة ومنذ ذلك الوقت يستفرد وحده بالسلطة لتعزيز منظومة الفساد الأمني والأخلاقي والمالي كون غياب قوة فلسطينية مناكفة له وعلى قدر من القوة تجعله مستأثراً بكل موارد الشعب الاقتصادية التي تأتي من المجتمع الدولي ومن الداخل، هذا الطرف الفلسطيني جمع مليارات الدولارات عبر قياداته الذين أتوا من الخارج بعد أوسلو حفاة عراه واليوم أصبحوا يمتلكون عشرات بل مئات الملايين من الدولارات!

كما أن هناك أطراف إقليمية كمصر وبعض دول الخليج تعمل بكل طاقتها لإنهاء تجربة حماس في الحكم كونها امتداد لتجربة الاخوان المسلمين في العالم والتي تعتبرها تلك الأنظمة تنظيماً ارهابياً، بالإضافة إلى أطراف دولية كالولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية تكافح لإطباق الحصار على غزة حتى تجبر حماس على تسليم السلاح لضمان أمن الكيان العبري...

حركة حماس تتحمل جزءاً ليس باليسير من معاناة شعبنا في غزة بعد أن دخلت اللعبة السياسية القذرة تحت مظلة أوسلو التي ضيعت أكثر من 78% من فلسطين التاريخية، تحمل حماس هذا القدر الكبير من المسؤولية يكمن في عدم فطنتها السياسية فأي كيان سياسي في ظل الاحتلال كدولة وحكومة هو طبق مسموم دس للقضاء على الحركات الثورية والجهادية حتى يتم ترويضها وقبولها للأمر الواقع وهو ما وقعت به حماس، وها هي اليوم تمارس ما كانت تنقضه أمس، تقمع المتظاهرين المطالبين بحقوق مدنية بحته، وتتمسك بهدنة فرضها الاحتلال عليها بعد أن نقضها بصواريخه وقتله للمدنيين المحتجين على حدود غزة الأبية. وإن كانت حركة حماس تريد العودة لخيار المقاومة والرجوع عن اللعبة السياسية وتسليم إدارة غزة للسلطة الفلسطينية فهي لا تملك ذلك، كون الثانية تطمع بأن تخضع الأولى لقبول شروط مذلة أولها العدول عن خيار المقاومة المسلحة وقبول الأمر الواقع والاعتراف بإسرائيل وهو ما ترفضه حماس حتى الان.

وحتى نكون أكثر انصافاً الفصائل الأخرى كالجهاد الإسلامي والجبهتين وباقي الأطر الفصائلية تتحمل جزء يسيراً من هذه المعاناة كونها لم تخرج عن الصمت وتطلع شعبنا الفلسطيني بكل صراحة عن الطرف الذي يطالب مصر وإسرائيل بإطباق الحصار على غزة ومن الأطراف التي تتحمل مسؤولية معاناة شعبنا؟!

الكل الفلسطيني يتحمل المسؤولية كل حسب دوره في الانقسام، وعلى الشعب الفلسطيني أن يعي جيداً أن لديه القدرة على التحرر من ظلم كل الأطراف إن تمسك بالمقاومة ودعمها وكافح لأجل صمودها، ورفض أن يستحوذ طرف فلسطيني على القرار الوطني، فالوطن للجميع والقضية أكبر من أن ندرجها في اطار سياسي، كما وأن المؤامرة على قضيتنا كبيرة والشعب وفصائله مطالبون بأن يجمعوا على المقاومة كخيار استراتيجي وحيد للتحرر من الاحتلال بعد بناء أو اصلاح جسد سياسي يمثل الكل الفلسطيني ومنه يمكن تطوير أدوات المقاومة المتنوعة للتحرر من المحتل الصهيوني.