الأحد  22 كانون الأول 2024

نحن والمرويات "القدس ليست أورشليم بقلم: ميسم العيسى- سوريا

2019-05-14 12:40:40 AM
نحن والمرويات

إن الفكرة المعاصرة السائدة عن كتب التاريخ _ أيّ كتب للتاريخ_ هي أنها دائماً تحمل بين طيّاتها الكثير من المرويات الكاذبة- وذلك بالطبع صحيح - لذلك فقد فقدنا القدرة على التصديق البحت لكل ّ ما نقرأ ما لم يكن يقودنا منطقيّاً إلى الحقيقة ( والتي من الصعب بدوها أن تكون بحتة ) .. إنما حين تكون الرواية التاريخية مرتبطة ارتباطاً واضحاً بالجغرافيا - والتي من الصعب تزويرها- وباللغة ما علينا إلّا أن نصدّق ..

وهذا م تقودنا إليه كتب المفكّر والمؤرخ فاضل الربيعي

إن ماحدث عبر الزمن من تضليل للعقول شاركنا به - كشعوب وحكومات - حين أهملنا بشكل كبير الدراسات الجديّة والتنقيب الفعلي في تاريخ المنطقة .. وحين اعتمدنا على رواية الآخر في سرد تاريخنا (نحن )..

ما يطرحه الأستاذ فاضل الربيعي في كتبه عن قيام المخيال الاستشراقي بتزييف شامل طوال عدة قرون ماضية عن أسطورة أرض الميعاد سيكون مألوفاً للبعض لكنه سيكون صادماً للوجدان الفلسطيني واليهودي والعربي والإسلامي على حدٍّ سواء ..

ما يقدّمه فاضل_الربيعي في أُطروحاته يحتاج إلى قراءة ومتابعة دقيقة من أي فرد يشعر بالانتماء إلى هذا التاريخ مهما كانت ثقافته ..

وفيما يلي وباختصار بعض النقاط التي يركّز عليها المفكر والمؤرّخ فاضل الربيعي في كتبه باعتماده على ترجمة النص ( العبري ) للتوراة ومطابقته مع جغرافية اليمن

1. القدس ليست أورشليم : إن مدينة القُدس الفلسطينية لم تأتِ التوراة على ذكرها إنما جاءت على ذكر (قَدش – قَدَس ) بفتح القاف والدال حيث ورد وصفها في التوراة كجبل في اليمن وهو جبل يقع على بعد 8 كم من مدينة تعز اليمنية ،، في حين أن مدينة القُدس الفلسطينية ليست جبلاً ولا تقع في جبل ..

2. أورشليم هومسمّى ديني و يعني (دار سلام ) كان يطلق على مدينة (بيت بوس) الموجودة في محيط جبلي ، لم تذكر التوراة إطلاقاً أي ارتباط بينها وبين جبل قَدَش وإنما يؤكد النص العبري وجودها قرب جبل صهيون وبالطبع فالقدس الفلسطينية لا تقع قرب جبل صهيون ولم تكن تدعى بيت بوس .

3. اللهجة العبرية لهجة دينية مرتبطة بأسماء الأماكن التي تحدّث بها سكان هذه الأماكن كالعبريّة الصنعانيّة أو العبرية السبأية ولا يوجد أي ارتباط بين اللهجات العبريّة وأسماء أماكن في فلسطين.

4. إسرائيل قبيلة عربية يمنية سبأيّة قديمة وذلك لا يعني أبداً أن من احتلوا الأرض الفلسطينية اليوم هم ذاتهم يهود اليمن أو من كانت اصولهم من إسرائيل اليمنية وإنما هم جماعات متفرقة تدين بدين واحد اجتمعوا على فكر سياسي موحد يحقق مصالح الرأسمالية والحركة الصهيونيّة.

5. إن التوراة لم تذكر اسم فلسطين قط، وإنما ذكرت فقط جماعة وثنيّة تُدعى (الفلستيين) نسبة إلى مكان يدعى فَلَس وكانوا يعبدون الإله (فلس) حيث دارت معارك بينهم وبين الإسرائيليين في جبل يدعى أبان الذي يعد من أشهر جبال العرب في اليمن.

6. إن القبائل التي تعرضت للسبي البابلي كانوا من القبائل اليهوديّة في اليمن .. وإن القائمة الكبيرة باسماء هذه القبائل التي سُجلت تشير بوضوح لا مثيل له إلى أصولهم العربية اليمنية حيث يذكر الأستاذ فاضل الربيعي في كتابه القدس ليست أورشليم حوالي 25 اسم لهذه القبائل تصادف وجودها في التوراة بينما لا تعرف فلسطين اسماً واحداً مما ورد في القائمة لا من خلال بقايا لغوية ولا من خلال بقايا أنسابها.

7. يستخدم النص العبري كلمة (مشحت) وهو لقب تحقيري تُرجمَ إلى (مخرّبين) لتصبح الترجمة ( مخربون فلسطينيون ) بدل ( آكلي السحت الفلستيين ) .. إن هذا الوصف المشبع بالكراهية ودمجه مع الصورة السيئة للفلسسطيني المعاصر هو غاية أهداف الحركة الصهيونية ومن قبلها المخيال اليهودي الأوربي والأمريكي.

إن ما ذكرته في هذه النقاط هو اختصار كبير لما أورده الأستاذ فاضل الربيعي من قلب للروايات التاريخية التي تشرّبها أبناء المنطقة العربية كلّها منذ الصغر ، والتي تحتاج إلى أن تُعنى بها مؤسسات مهتمّة بالتاريخ والآثار لفضح هذا التزييف والعبث الاستشراقي وعقد مؤتمرات ومراكز للبجث التاريخي والتنقيب الجدّي فيه وتغيير مناهجنا التعليمية بناء على ما نتوصّل إليه نحن وليس بناء على ما قدّمه لنا الآخر